Arts

للفنون مكانة مهمة في توعية الناس بالدين، ولكن التراث الإسلامي التقليدي يضع الفنون في مرتبة ثانوية ويصنفها على أنها علوم غير أساسية خاصة عندما يتعلق الأمر بالتشريع، بل إن بعض العلماء الأوائل غالوا في ذلك حتى حرموا كل أشكال الفنون تقريباً، وخلطوا في ذلك بين الفنون ووسائل الترفيه المحض. وعليه، فإن نقطة الانطلاق تكمن في بناء فهم أفضل لأهداف الفنون في إطار الثقافة والمجتمع، إذ ينظر الإسلام إلى الفن على أنه جوهر التعبير والجمال والإبداع والثقافة. كما ينبغي الاعتراف بالدور الذي يمكن أن تلعبه الفنون في بناء الشخصية الإنسانية في الماضي والحاضر والمستقبل.

وعند تناول الارتباط بين التشريع الإسلامي ومقاصد الفنون تلك، علينا أن نذكر قول النبي– صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال”، ويعد هذا الحديث مرجعاً يزودنا بمنظور معنوي لمفهوم الجمال والدور الذي يمكن أن يلعبه الخيال الحالم في حياتنا اليومية.

وللتفكر في هذه المقاصد وفي سبل تحقيقها، سيتحتم علينا أن نفرق بين ما هو مرتبط بالتشريع الإسلامي وقواعده وبين ما هو غير مرتبط به، وكذلك بين ما يمثل مسألة أخلاقية أصلاً وينبغي التعرض لها، وبين ما ينبغي تفاديه أصلاً كنقطة بداية، إذ ليس كل شيء مرتبطـاً بالضرورة بالأخلاق أو التشريع ، فعلى سبيل المثال هناك مجالات ينبغي أن تتاح للأفراد مساحة من الحرية للبت فيها بأنفسهم استناداً إلى القاعدة الأساسية التي تقرر أن الأصل في الأشياء الإباحة. وعليه، فينبغي تحديد المسائل التي تقع ضمن مجال الأخلاق والتشريع أصلاً وبين تلك التي يمكن أن تـُترَك للناس ليفصلوا فيها بأنفسهم.

علاوة على ذلك، ثمة تحدٍ آخر يتمثل في كيفية وضع المبادئ الإرشادية العامة للإنتاج والتعبير الفني ونشرها، ذلك أن العمل في عالم الفنون يعدّ أمراً جوهرياً في مجتمعنا المعاصر وينبغي أن نستكشف وسائل جديدة لدعوة المسلمين لأن يكونوا منتجين ومشاركين في هذا المجال