المرأة بين التعاليم الإسلامية والواقع المعاصر

لقد جاء الإسلام بالعديد من الإصلاحات الاجتماعية والإنسانية، ونجح النبي محمد في إحداث مجموعة من التغييرات الإيجابية التي كانت آنذاك تغييرات جذرية. وقد شملت هذه التغييرات قضايا المرأة والنوع الاجتماعي. ويُجمع المؤرخون على أن حقوق المرأة شهدت نقلة نوعية في عهد النبي محمد. فإن العرب قبل الإسلام تعاملوا مع المرأة كما لو كانت ملكية خاصة للأزواج يمكن توارثها. فجاء الإسلام ليبطل هذا الاعتقاد ويؤكد على أن الرجال والنساء بعضهم أولياء بعض . ومنح الإسلام للمرأة حقوقاً عدة من بينها الرفق والعدالة في المعاملة، وحق الملكية، وحق التعليم، وحق الميراث، والحق في الطلاق، وحضانة الأبناء، وحق العمل. وقد مارست المرأة العديد من الأدوار، فقد وجدنا من بين زوجات النبي، وبناته، وبين نساء المسلمين في عهده ومن بعده من تسهم في نواحٍ متعددة وأدوار عديدة في المجتمع: سواء في دور الأم أو الفقيهة أو سيدة الأعمال أو المحامية أو من تعمل في دباغة الجلود، وكذلك وجدنا من تلعب دوراً سياسياً أو تمنح حق اللجوء السياسي، ومن تشرف على السوق، وغيرها من الأدوار.

وإذا نظرنا إلى الإسلام ممثلاً في كلام النبي وأفعاله، نجد التأكيد على حماية حقوق المرأة، وتمكينها والحرص على تقدمها وتحقيق العدالة لها. لقد كان النبي "شخصية مناصرة لحقوق المرأة" . لكن للأسف إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم في العديد من أنحاء العالم، بما في ذلك العالم الإسلامي، نجد المرأة تعاني من الظلم والتمييز الممنهج والعنف الموجّه وحرمانها من حقوقها الأساسية. ويُستخدم الإسلام في العديد من المجتمعات الإسلامية كمبرر وذريعة لدعم أشياء هي في حقيقة الأمر مناقضة تماماً لرسالة الإسلام الحقيقية. فقد حظر الإسلام على سبيل المثال وأد الإناث منذ ما يزيد على ألف عام، ورغم ذلك لا يزال يمارس في العديد من المجتمعات الإسلامية. ولا تزال المرأة في العديد من الأماكن محرومة من حقها في التعليم رغم التأكيد النبوي على أهمية طلب العلم كما جاء في الحديث الشريف "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ".

للأسف يبدو أن روح الإصلاح التي بثها النبي محمد قد توقفت الآن، بل انتكست في العديد من الأحوال، وإلا فلمَ تغفل العديد من المجتمعات المسلمة في أيامنا هذه تعاليم النبي التي تحث على صيانة حقوق المرأة ومعاملتها بالعدل والإحسان؟ ألم يأن الأوان لنا جميعاً أن نحيي هذه السنة؟ كيف نجعل الإسلام والمجتمعات المسلمة تسهم في تحسين وضع المرأة والتخفيف من معاناتها؟ ما الذي يمكننا فعله أسوة بالنبي محمد لتحسين أحوال المرأة؟

سوف يحاول الجزء التالي تسليط الضوء على أبرز القضايا التي نواجهها في هذا الصدد.

منزلة المرأة في الإسلام

إن العديد من المشكلات الرئيسية في هذا المقام تعود بجذورها إلى قضية أساسية هي منزلة المرأة، وهل المرأة مخلوق ناقص بالفطرة وفي مرتبة اجتماعية أقل من الرجال؟ على الرغم من أن هذا التصور موجود في الأدبيات الإسلامية المعاصرة والتراثية، إلا أنه قد سبق مجيء الإسلام بكثير، فقد ظهر في الفلسفة اليونانية القديمة.

وتؤكد العديد من الآيات القرآنية على أن "الرجال والنساء متساوون في الخلق، فهم صنعة الخالق الرحيم العدل، ولا تتحقق سعادتهم إلا بالعيش معاً في تناغم وصلاح". ومع ذلك تختلف آراء العلماء، كما أن هناك آراء يمكن إساءة استغلالها لتبرير مفهوم النقصان الفطري، من بين هذه الآراء على سبيل المثال، رأي يقول صاحبه أن "الرجل أفضل بفطرته من المرأة، وهو قوّام عليها بما ينفقه" وأن "النساء ناقصات عقل". ويرى بعض العلماء أن نظرة العديد من المجتمعات المسلمة إلى المرأة باعتبارها كائناً دونياً أقل من الرجال هي نتاج التفسير الذكوري للقرآن.

وفي بعض الأحيان، يُساء فهم الأحاديث النبوية ويساء استخدامها لتبرير الظلم الواقع على النساء. ولا بد من إجراء بحوث متعمقة للوصول إلى فهم صحيح لتلك الأحاديث. على سبيل المثال، درس الدكتور جاسر عودة (عام 2010) العلاقة بين القرآن والسنة من زاوية استخدام النصوص العامة والقطعية في القرآن لنقد متن بعض الروايات الحديثية. وتوضح دراسته أن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قدمت لنا مثالاً واضحاً على استخدام هذه الطريقة. فقد ردّت السيدة عائشة بعض روايات الصحابة رغم صحة سندها بمعايير الإسناد التي تأسست فيما بعد. وقد استندت في ردها لتلك الروايات على تعارضها مع قطعيات القرآن وعمومياته التي توضح أصول الإسلام العامة ومقاصد الشريعة. ويثبت عودة في دراسته أن الطريقة التي اتبعتها أم المؤمنين عائشة تتفق مع طريقة تحقيق المتن التراثية، وأننا بحاجة إلى هذا المنهج في مشروعات التجديد في الفقه الإسلامي لتحقيق الانسجام اللازم والاتساق بين الفروع وأصولها المتمثلة في العدل والرحمة والحكمة والمصلحة العامة.

العدالة والمساواة بين الجنسين

وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2011) فإن الدول ذات معدلات التنمية المنخفضة تغيب فيها المساواة بشكل واضح في العديد من النواحي، وبالتالي تعاني من خسائر كبيرة في مجال التنمية البشرية. ومن الأهمية بمكان أن ننوه إلى أن هذه الدول التي تعاني من غياب المساواة بين الجنسين، تعاني أيضاً من غياب العدالة في التوزيع الإنمائي، والعكس صحيح. وقد كشف تقرير مؤشر النوع الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية أن هناك إجماع عام يرى أن المساواة بين الجنسين أمر ضروري لتحقيق التنمية وتعزيز النمو وخفض مستوى الفقر. وقد اكتسبت المؤسسات الاجتماعية التمييزية – الأعراف والممارسات الاجتماعية والقوانين الرسمية وغير الرسمية – أهمية كبيرة بوصفها إطار عمل تحليلي مفيد لتحديد مسببات التمييز النوعي وعدم المساواة بين الجنسين وما يسفر عنه ذلك من نتائج تنموية بوجه عام.

وبالنسبة للمجتمعات الإسلامية على وجه الخصوص، فيرى رفعت حسن أن الفجوة بين خطاب المساواة والواقع الفعلي الذي يشهد غياب تلك المساواة تعاني منها معظم المجتمعات الإسلامية، وأن معظم المسلمين يبررون مظاهر عدم المساواة بأنها أمر متأصل في الدين الإسلامي، ويقبلون هذا التبرير على أنه حقيقة لا مراء فيها.

وترى عديلة أبو شرف (2003) أن مفهوم العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين يتناول تحليل علاقات النوع الاجتماعي في بيئة سياسية، واقتصادية اجتماعية، وبيئة قانونية، ومؤسسية. كما تؤكد أبو شرف على أن المؤسسات الاجتماعية - القوانين والأعراف والتقاليد والقواعد السلوكية – تمثل أهم عامل في تحديد حرية اختيار المرأة في الأنشطة الاقتصادية. ولمعالجة انعدام المساواة بين الجنسين على نحو فعال، لا بد أن نعالج هياكل العمل المؤسسية. وترى عديلة أن التحدي البحثي في مسألة النوع الاجتماعي والمساواة يكمن في بحث تعقيدات الثقافة المحلية  في سياق زماني ومكاني للعلاقات الاجتماعية والتعامل القانوني ممثلاً في حقوق المواطنة. وترى عديلة في دراستها أن المؤسسات الدينية الإسلامية هي إحدى الهياكل المؤسسية التقليدية الفعّالة. وتقتضي هذه الفعالية وجود مجال للإصلاح والتغيير الإيجابي.  وتعدّ الثقافة هي الأخرى مظهراً بالغ الأهمية بالإضافة إلى الدين، وهناك العديد من الممارسات الثقافية المنتقدة نظراً لأنها مجحفة في حق المرأة، وللأسف يُنظر إليها على أنها ممارسات إسلامية.

ويتناول عدد لا بأس به من علماء المسلمين مفهوم المساواة بين الجنسين في إطار من الفكر الهرمنيوطيقي. فعلى سبيل المثال يرى الطاهر الحداد أن القرآن يحث على التنمية والتغيير وفق ظروف الإنسان المتغيرة وتماشياً مع طبيعة هذه الظروف وأوضاعه الاجتماعية. ويرى أن من بين القيم الإسلامية الأساسية: التوحيد ومكارم الأخلاق وإرساء مبدأ العدالة والمساواة. وفيما يتعلق بحقوق المرأة، فإن النصوص القرآنية تمثل  نقلة نوعية متطورة في اتجاه مزيد من المساواة والحقوق المتماثلة. لكن هذه النصوص ليست غاية ومنتهى في حد ذاتها، فعلى سبيل المثال، وفقاً لرؤيته، فإن الأوضاع الاجتماعية في عصر ما قبل الإسلام، كتعدد الزوجات والرّق، لم تكن إسلامية في الأساس، وإذا طبقنا الاستراتيجية القرآنية على هذا الحال، فإن هذه الأوضاع الاجتماعية عرضة للتغير.

ومع ذلك فإن التعامل مع هذه المفاهيم والمصطلحات يتطلب الحرص والحذر. وترى بروزان يورجنسن "Pruzan-Jørgensen" (2012 ) أن النشطاء في مجال حقوق المرأة المسلمة يتحفظون على استخدام مفاهيم مثل "المساواة" (كمقابل "للعدالة" أو "التكامل") ومفهوم "النسوية"، "والنوع الاجتماعي" لأن هذه المفاهيم تحمل دلالات سلبية، تتعلق بالاستعمار الثقافي والتدخل الاستعماري الحديث، بما في ذلك من تهديدات للإسلام والتقاليد والأعراف. وقد لاحظ بعض العلماء هذه الظاهرة أيضاً. فعلى سبيل المثال، تحلل ليف تونسن "Tønnessen" (2011 ) مجموعة من مواقف الإسلاميات السودانيات لتخرج بنتيجة ترى أنه في الوقت الذي ترفض فيه الإسلاميات اتفاقية السيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) ومفهوم الغرب للمساواة بين الجنسين، إلا أنهن يدعمن القضايا التي من شأنها تمكين المرأة في الدولة السودانية والمجتمع السوداني. وتبرز تلك الدراسات وزن المصطلحات والتعبيرات ومدى أهميتها.

التعليم

بات التعليم الرسمي أمراً لا غنى عنه في عالمنا المعاصر، والأفراد الذين لا حظ لهم من التعليم الأساسي هم أفراد محرومون، ومن الممكن أن يكون لهذا الحرمان تبعات خطيرة تؤثر على رفاهيتهم ومستوى معيشتهم.

وتواجه المرأة المسلمة المعاصرة صعوبات جمة في الحصول على حقها في التعليم، ولكن تتفاوت درجة الصعوبة من مكان لآخر. وقد نقل إسبوسيتو وداليا مجاهد (2007) "بيانات تمثيلية موضوعية على الصعيد المحلي" تظهر تنوع النسبة المئوية للنساء الحاصلات على تعليم عال بعد المرحلة الثانوية؛ وجاءت النسبة المئوية مرتفعة في إيران بواقع (52%) وفي مصر (34%) وفي السعودية (32%) وفي لبنان (37%) لكنها كانت منخفضة في المغرب بواقع (8%) وباكستان (13%).

وفيما يتعلق بنسبة النساء اللاتي لم يحصلن على حظ من التعليم الأساسي، تسوء النسبة في المناطق الفقيرة مثل أفغانستان حيث تُجبر المرأة على الزواج في سن مبكر وتُحرم من التعليم، وقد تم إحراق العديد من مدارس الفتيات، وتعرضت بعض الفتيات للتسمم ودفعن حياتهن ثمناً  لتجرئهن على الذهاب إلى المدرسة. ونتيجة لذلك، تبلغ نسبة الأمية بين الأفغانيات 87%، بينما تتمكن 30% فقط منهن من ممارسة حقهن في التعليم .

وترى مبادرة المرأة المسلمة للروحانية والمساواة (WISE ) أن من أهم التحديات الأساسية التي تواجهها المرأة المسلمة في مجال التعليم هو التفسير الذكوري لمعنى القوامة. فعلى الرغم من أن القرآن ينص على أن الرجال والنساء بعضهم أولياء بعض، إلا أنه قد تم استخدام القوامة ذريعة لتقييد الفرص التعليمية المتاحة للمرأة .

ولا تقتصر التحديات التي تواجه المرأة في مجال التعليم على المجتمعات الإسلامية، وإنما توجد في المجتمعات الأخرى أيضاً. ومع هذا فإن من بين النماذج التي تمت دراستها ما يؤكد على أن الأثر الإيجابي لتحسين المستوى التعليمي لدى الإناث لا يمتد إلى الطالبة فقط وإنما يمتد إلى أسرتها ومجتمعها بل والأمة بأسرها.

وترى باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004) أن تعليم كلا الجنسين يزيد من معدل الإنتاجية ويدعم نمو الاقتصاد القومي، وفي الوقت نفسه فإن تعليم الإناث قد يؤدي إلى رفع مستوى الدخل بشكل أكبر. على سبيل المثال، إذا حظيت النساء المزارعات في كينيا بنفس مستوى التعليم مثلهن مثل المزارعين من الرجال، فمن الممكن أن ترتفع عائدات المحاصيل بنسبة 22 في المائة.

كما أن تعليم النساء من شأنه أن يحافظ على حياة الأطفال ويضمن وجود أسر أكثر تمتعاً بالصحة. وفي أفريقيا نجد أن الأطفال الذين حظيت أمهاتهم بتعليم أساسي لمدة خمس سنوات أكثر حظاً في أن يعيشوا لما بعد سن الخامسة بنسبة 40% .

وإذا حظيت المرأة بسنة أخرى من التعليم، فمن الممكن أن تقل نسبة الوفيات بين الأطفال بواقع 5 إلى 10 في المائة. هذا النموذج الواضح قد تكرر بشكل كبير في قواعد البيانات المقارنة وفي الإحصائيات المتكررة. وأظهرت الأدلة أن المرأة تنفق مزيداً من دخلها على أسرتها بشكل يفوق ما ينفقه الرجل. فعلى سبيل المثال نجد في البرازيل أن الموارد الخاصة بالنساء لها من الأثر على صحة الأطفال ما يفوق موارد الرجال بواقع 20 مرة.

الاقتصاد

على الرغم من أن النساء ينتجن من 75 إلى 90 في المائة من المحاصيل الغذائية في العالم، إلا أنهن لازلن يعانين بشكل كبير، مما يؤدي إلى الحالة التي يطلق عليها علماء الاجتماع "تأنيث الفقر" حيث نجد من بين كل ثلاثة فقراء بالغين امرأتين (روبينز، 1999).

وقد أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحثاً عام 1995 وجد فيه أن النساء يقمن بأكثر من ثلثي العمل الذي يتم على المستوى العالمي، أي بما يعادل 50 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، ومع هذا يحصلن على نسبة 10 في المائة فقط من الدخل العالمي، ويملكن نسبة واحد في المائة فقط من وسائل الإنتاج. وبالتالي فإن النساء يمثلن 70 في المائة من فقراء العالم.

وعلى الرغم من أن الإسلام يقر حقوق المرأة الاقتصادية، وحقها في التملك وتكوين الثروة، فإن الواقع على الأرض خلاف ذلك . فقد حُرمت العديد من النساء من حقهن في التملك، وحقهن في الميراث، وغيرها من الحقوق الاقتصادية والمالية. وبوجه عام فإن النساء معرضات للفقر والجوع أكثر من الرجال بسبب التمييز المنهجي الذي يمارس ضدهن في التعليم والرعاية الصحية والعمل وحق التملك. وللأسف فإن كون المرأة فقيرة له تبعات أخرى سلبية، منها ضعف الحماية التي تحظى بها المرأة ضد ارتكاب العنف بحقها.

العنف والصحة

يعد العنف ضد المرأة أحد المشكلات الكبرى. كما أن الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين، ووأد الإناث، والعنف المنزلي، والاغتصاب، وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وقتل الشرف، جميعها مشكلات منتشرة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وإن كانت لا تقتصر على تلك المجتمعات. وهناك ظاهرة أخرى تتمثل في الانحياز للذكور والحرص على عدم إنجاب الإناث وهو أمر يؤدي إلى القتل العمد لأجنة الإناث قبل أن يولدن. وقد قدّر أحد الأبحاث التي أجريت في هذا الصدد أن عدد حالات النساء المفقودات قد تجاوز 100 مليون أنثى من إجمالي عدد السكان المتوقع في العديد من بلدان العالم بسبب الإجهاض الانتقائي (كالسن ووينك، 2003)

ويحاول مؤشر السلامة الجسدية المقيدة الخاص بمؤشر النوع الاجتماعي قياس مدى وجود حماية قانونية للمرأة ضد العنف مثل الاغتصاب والعنف المنزلي والتحرش الجنسي، وقياس السلوكيات التي تميل إلى العنف الأسري ومدى انتشار هذا النوع من العنف، ونسبة النساء اللاتي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية. واستناداً إلى هذا المؤشر، فإن الأوضاع للأسف سيئة في البلدان الإسلامية. ولم تحتل دولة ذات أغلبية مسلمة أي ترتيب ضمن أفضل عشرة بلدان، بل إن العديد من الدول الإسلامية جاءت في الترتيب المتوسط إلى الأسوأ. ولا يقتصر الأمر على إحصائيات هذا المؤشر، بل هناك على سبيل المثال تقرير للمنظمة العالمية المناهضة للتعذيب توصل في عام 2002 إلى أن نسبة 89.2% من النساء والفتيات في السودان قد تعرضن لعملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

ويستمر التمييز الممنهج ضد النساء والفتيات، ليس فقط في المجتمعات الإسلامية، بل في جميع أنحاء الكرة الأرضية. وبوجه عام، تعاني الفتيات من سوء التغذية بشكل أكبر مقارنة بالذكور وذلك لأن الأسر تحرص على إطعام الفتيات آخر المطاف. ويتم استغلال الملايين من الفتيات وإيذائهن أو الاتجار فيهن أو بيعهن في تجارة الجنس، كما أن ثلثي الشباب المصابين حديثاً بفيروس نقص المناعة المكتسبة هم من الإناث.

ويعدّ غياب الرعاية الصحية المناسبة للنساء مشكلة أخرى ذات أهمية بالغة، إذ يمكن أن تتفاقم بسببها الأوضاع على نحو خطير في بعض المناطق.

وإذا أخذنا أفغانستان على سبيل المثال - نجد أنه في عام 1997 كان معدل وفيات الأمهات هو أحد أسوأ المعدلات في العالم. وللأسف فإن الصعوبات التي واجهت توفير الخدمات الصحية المناسبة وفقاً لما يراه ترنر (Turner ) تركزت حول أفكار تتعلق بالأصولية الإسلامية والعنف المستمر في أفغانستان. وتُظهر مؤشرات الصحة العامة ارتباط هذا الأمر بمستوى العدالة الاجتماعية بين الجنسين. ووفقاً لما ورد في تقرير مؤشر النوع الاجتماعي لعام 2012، فإن البلدان التي بها مستويات مرتفعة من التمييز ضد المرأة هي الأكثر عرضة لارتفاع معدل وفيات الأمهات.

قوانين الأسرة

ترى ليزا هاجر أن الساحة التي تشهد الظلم وغياب المساواة بين الجنسين بشكل متجذر، في سياق العلاقات الأسرية، تكون أكثر تقبلاً لتلك الممارسات الظالمة، ويكون من الصعب بل من المستحيل تغييرها. وهناك العديد من القضايا الشائعة في هذا النطاق، منها على سبيل المثال قضية القوامة، والموافقة قبل الزواج، والحقوق الزوجية، وحق الطلاق، والعنف الأسري، والميراث، وحضانة الأطفال، وغيرها من القضايا الشائكة.

وترى هاجر أنه بالرغم من أن استخدام الشريعة لإدارة العلاقات الأسرية يسهم في وجود بعض الخصائص العامة للعلاقة بين الجنسين في المجتمعات المسلمة، وخاصة تمييز وتمكين الرجال على النساء في نطاق الأسرة، إلا أنه من الضروري أن نتنبه إلى الاختلافات الأساسية. وترى أيضاً أن الدولة هي أهم متغير في فهم تلك الاختلافات والتنوعات عبر المجتمعات نظراً لأن الدولة في العصر الحديث هي الحَكَم الأساسي والسلطة القانونية الرئيسية. ولقد كانت هناك محاولات عدة لمعالجة تلك القضايا عبر إصلاحات قانونية، إلا أن العديد من دراسات الحالة لمجموعة متنوعة من المجتمعات أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإصلاح القانوني ليس كافياً إذا ظلت منظومة القيم الدينية والثقافية كما هي دون تغيير.

الخاتمة

لقد استعرضنا العديد من الموضوعات الرئيسية المتعلقة بالنوع الاجتماعي حيث يكون للقضايا الأخلاقية حضورا ملحوظا. لكن هذه القائمة ليست شاملة، فهذا مجال رحب، إذ إن معظم الأنشطة الإنسانية إن لم يكن كلها يمكن تناولها من منظور النوع الاجتماعي وتنطوي على بعض المشكلات الأخلاقية


 

انظر: (سورة النساء: الآية رقم 19).

انظر: (سورة التوبة: الآية رقم 71).

وليام مونتجمري. اقتباس نقلاً عن "مقابلة شخصية مع البروفيسور وليام مونتجمري" على الموقع الإلكتروني: http://www.alastairmcintosh.com/articles/2000_watt.htm

رواه الترمذي، حديث رقم 218.

يرى أرسطو أن "الرجل بفطرته أرقى من المرأة، وأن المرأة أدنى منزلة منه، فالرجل حاكم والمرأة محكومة، وأن طبيعة الرجل طبيعة تامة كاملة" اقتباس نقلاً عن ليلي أحمد في "المرأة والجنوسة في الإسلام: الجذور التاريخية لقضية جدلية حديثة" (نيو هيفن، مطبعة جامعة ييل، 1992).

رفعت حسن، Members, One of Another: Gender Equality and Justice in Islam. http://www.religiousconsultation.org/hassan.htm

محمد صالح المنجد، مقالة بالإنجليزية بعنوان: Does Islam regard men and women as equal ? على الرابط التالي: http://islamqa.com/en/cat/62 .

المرجع السابق.

جاسر عودة، Aisha’s Critique of Authentic Hadith Content via Quranic Universals . ندوة صيفية لعام 2010 بإشراف المركز العالمي للفكر الإسلامي، http://www.jasserauda.net/modules/Research_Articles/pdf/iiit_summer_2010.pdf ..

Social Institutions and Gender Index (2012). 2012 SIGI Social Institutions and Gender Index: Understanding the drivers of gender inequality. OECD Development Centre (Paris ).

رفعت حسن، Members, One of Another: Gender Equality and Justice in Islam. http://www.religiousconsultation.org/hassan.htm

عديلة أبو شرف (2003)، Women in Islamic Communities: The Quest for Gender Justice Research ، ورشة عمل حول المساواة بين الجنسين وحقوق المواطنة والتنوير، على الرابط التالي: http://idl-bnc.idrc.ca/dspace/bitstream/10625/33285/1/119870.pdf

بريسكيلا أوفنهاور (2005)، Women in Islamic Societies: A Selected Review of Social Scientific Literature . واشنطن دي سي، مكتبة الكونجرس.

أماني حمدان، (2005). Women and education in Saudi Arabia: Challenges and Achievement .مجلة التعليم الدولية، عدد 2005، 6(1)، ص42-64.

الحداد (1992) نقلاً عن نصر أبو زيد (2006) Reformation of Islamic Thought: A Critical Historical Analysis . أمستردام، مطبعة جامعة أمستردام.

جولي إليزابيث بروزان يورجنسن (2012)، Islamic Women's Activism in the Arab World: Potentials and challenges for external actors ، تقرير المعهد الدانماركي للدراسات الدولية (2012).

ليف تونسن، Feminist interlegalities and gender justice in Sudan: The debate on CEDAW and Islam. In Religion and Human Rights ، مجلة عالمية، الجزء السادس، رقم 1، ص25-39. (2011)

http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw /

جون إسبوسيتو، داليا مجاهد (2007)، Who Speaks for Islam? What a Billion Muslims Really Think .، نيويورك، مطبعة جالوب، 2007.

انظر الرابط التالي: http://www.wisemuslimwomen.org/currentissues/accesstoeducation /

انظر الرابط التالي: http://www.afghan-web.com/woman /

انظر الرابط التالي: http://www.wisemuslimwomen.org/currentissues/accesstoeducation /

باربرا هيرتس، وجين سبيرلنج (2004)، What Works in Girls' Education: Evidence and Policies from the Developing World ، نيويورك: مجلس العلاقات الخارجية.

كويزومبينج (1996)، نقلاً عن باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004).

سامرز (1994)، نقلاً عن باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004).

شولتز (1993)، نقلاً عن باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004).

توماس (1990)، نقلاً عن باربرا هيرتس وجين سبيرلنج (2004).

انظر الرابط التالي: http://unwomen-nc.org.sg/gender_issues_datasheet_1.shtml

انظر الرابط التالي: http://www.unifem.org/gender_issues/women_poverty_economics

انظر الرابط: http://www.wisemuslimwomen.org/currentissues/economicequality /

انظر الرابط: http://www.unifem.org/gender_issues/women_poverty_economics

ستيفان كالسن وكلوديا وينك (2003)، Missing Women: Revisiting The Debate. Feminist Economics ، مجلات تايلور وفرانسيس، الجزء التاسع 02-3)، ص263-299.

انظر الرابط: http://my.genderindex.org/indicators/Physical%20Integrity .

انظر الرابط: http://plan-international.org/girls/campaign/faq.php .

المرجع السابق.

ترنر (2006)، Literature review: Afghanistan womenʼs health crisis, health service delivery, and ethical issues for international aid. Health Care for Women International ، 27 (8) ص748-759.

ليزا هاجر،Domestic Violence and Shari'a: A Comparative Study of Muslim Societies in the Middle East, Africa and Asia ، متاح على الرابط التالي: www.sistersinislam.org.my/files/downloads/domestic_violence_and_sharia.pdf

المرجع السابق.

دعاء حسين ( 2012 ) ، Legal Reform as a Way to Women’s Rights: The Case of Personal Status Law in Yemen ، المجلة العالمية للتنمية المستدامة، الجزء الثالث، رقم 1، ص21-46، لعام 2012 .

- See more at: http://www.cilecenter.orgcenter.org/areas-of-research-ar/education-ar/essays-ar/essays-details-ar?articleID=5&theme=education-ar&topic=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85#sthash.xAJ78Oai.dpuf

Post your Comments

Your email address will not be published*

Add new comment

Restricted HTML

  • Allowed HTML tags: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • Lines and paragraphs break automatically.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.