أنواع ومقاصد اللجوء والهجرة وقيمهما الحاكمة

عبد السلام بلاجي*

 

مدخل وتمهيد

اللجوء والهجرة ظواهر إنسانية قديمة ومتجددة باستمرار، وأنواعها ومقاصدهما متعددة وغير محدودة، وقد هاجر المسلمون كغيرهم من التجمعات البشرية عدة مرات، وهاجر إليهم أقوام آخرون، وشارك الرسول ﷺ كفرد أو قائد في أحلاف ومواثيق لنصرة المظلومين مقيمين كانوا أو لاجئين مهاجرين كحلف الفضول مثلاً. ومن خلال تجربة المجتمع الأول للمسلمين في عهد الرسالة، ومن كل هذه التجارب يمكن استخلاص قيم وآداب ومبادئ مؤطرة للجوء والهجرة الإنسانية في المجتمع المسلم، وكذا التعرف على أنواع من اللجوء والهجرة معظمها ما يزال مستمراً، وستبقى أكثرها مستمراً لارتباطها بوجود الإنسان على هذه الأرض. وفي هذا النطاق نفهم قول النبي ﷺ: »لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها«[1].

وسنحاول في ورقتنا هذه، مدارسة أنواع ومقاصد اللجوء والهجرة من خلال سلوك وتجارب المجتمع الإسلامي الأول، ونثني باستخلاص مجموعة من القيم والمبادئ المؤطرة للجوء والهجرة، ونختتم بخلاصات وتوصيات مساعدة على تفعيل وتنزيل القيم الحاكمة المشتركة لهما في واقع حياتنا.

 

المحور الأول: أقسام وأنواع اللجوء والهجرة الإنسانية

مارس المسلمون، منذ بدء الرسالة الإسلامية إلى اليوم، اللجوء والهجرة بكل أنواعها ومقاصدها، وسميت "هجرة" في كل الأحوال، ولذلك فإن مصطلح الهجرة يشمل المفهومين معاً: الهجرة كمفهوم عام، واللجوء كمفهوم خاص أو لنقل كقسم من أقسام الهجرة، فهناك تداخل وتمايز بن المفهومين –تاريخياً على الأقل- لا مناص لنا منه. إلا هناك من يرى أن الهجرة نوع واحد مثل ابن رجب الحنبلي (726 هـ 795) الذي ذهب إلى كون الهجرة ذات طبيعة دينية إذ أن "أصل الهجرة هجران بلد الشرك، والانتقال منه إلى دار الإسلام"[2]. وهناك من يقسمها إلى أكثر من ذلك فقد حاول ابن حجر حصر هذه الأنواع والمقاصد في "نوعين:

الأول: الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرة الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة،

الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي ﷺ بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين"[3].

بينما قسمها آخرون تقسيماً يغلب الجانب التاريخي أو الوقائعي، مثل تاج الدين بن صدقة (654هـ 731) الذي قسم "الهجرات الواقعة في الإسلام إلى ست:

  1. الهجرة إلى الحبشة
  2. الهجرة المفترضة على أهل مكة إلى المدينة عند مهاجرة النبي ﷺ
  3. هجرة القبائل إلى النبي ﷺ قبل الفتح يقتبسون منه الشرائع ويتعلمون منه
  4. الهجرة الواجبة على من أسلم من أهل مكة أن يأتوا إلى المدينة ثم يرجعوا إلى مكة
  5. هجرة ما نهى الله تعالى عنه
  6. هجرة من أمكنه الخروج من دار الحرب[4]

وفضلاً عن هذه الأنواع من الهجرة التي مارسها المسلمون في مجتمعهم الأول بحضرة الرسول ﷺ، وردت أنواع أخرى في قول رسول الله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"[5]. فتتحصل لدينا أنواع ومقاصد للهجرة نحاول معالجتها في الفقرات الموالية، مع إعطائها عناوين مناسبة لسياقها الزماني والمكاني، وملائمة لوقتنا وبيئتنا ما أمكن.

 

أولاً: اللجوء والهجرة لالتماس النصرة وحرية الدعوة

كانت الهجرة طلباً للنصرة والحماية عرفاً جارياً عند العرب، يقوم به المظلوم والمغلوب بل وحتى الظالم أحياناً، والجديد في ممارسة النبي ﷺ والمسلمين في عصر الرسالة، أنهم جعلوا الهجرة رسالية بعد أن كانت ذات طبيعة قبلية عصبية أو ذات صبغة شخصية، فأصبحت مقاصد الهجرة وطلب النصرة مختلفة وجديدة على ما كان متعارفاً عليه عند العرب، ولذلك واجه المسلمون صعوبات جمة في تفهم المقاصد الجديدة لهجرتهم. فقد واجه الرسول ﷺ والمسلمون الأوائل مصاعب كبيرة في سبيل تبليغ دعوتهم داخل مجتمع مكة وسلطاته التي تداخل فيها العاملان الديني والمصلحي التجاري على الخصوص، وهذا ما جعلهم يفكرون في الهجرة طلباً للحماية أو النصرة أو هما معاً وذلك من أجل بيئة تسمح لهم بحرية ممارسة عقيدتهم والدعوة إلى رسالتهم.

 

رحلة الرسول ﷺ إلى الطائف التماساً للجوء ونصرة قبيلة ثقيف

ومن هذا القبيل هجرة الرسول ﷺ إلى الطائف التي أقام فيها "عشر أيام وقيل: شهراً لا يدع من أشرافهم أحداً إلا جاءه، وكلمه فلم يجيبوه، وخافوا على أحداثهم، فطلبوا منه أن يخرج عنهم، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، فجلسوا في الطريق صفين يرمونه بالحجارة، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة خارج الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وأتى رسول الله ﷺ إلى حُبْلَة من عنب فجلس تحت ظلها إلى جدار‏.‏ فأمر ابنا ربيعة غلاماً لهما نصرانياً يقال له‏:‏ عَدَّاس، إن يعطيه قطفاً من العنب، فلما وضعه بين يدى رسول الله ﷺ مد يده إليه قائلاً‏:‏ ‏"‏باسم الله" ‏ثم أكل‏.‏

فقال عداس‏:‏ إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله ﷺ:‏ ‏"‏من أي البلاد أنت‏؟‏ وما دينك‏؟‏ قال‏:‏ أنا نصراني من أهل نِينَوَى‏.‏ فقال رسول الله ﷺ‏:‏ "من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى‏"‏‏.‏ قال له‏:‏ وما يدريك ما يونس ابن متى‏؟‏ قال رسول الله ﷺ‏:‏ ‏"ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي‏"‏، فأكب عداس على رأس رسول الله ﷺ ويديه ورجليه يقبلها‏.‏

ورجع الرسول ﷺ في طريق مكة كئيبًا محزوناً كسيراً، وقد روى البخاري تفاصيل القصة عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبي ﷺ‏:‏ هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد‏؟‏ قال‏:‏ ‏"لقيت من قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كُلاَل، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي".

 

طلب اللجوء ونصرة بني شيبان للهجرة إليها

أما وفد بني شيبان فقد قدموا إلى مكة في أحد مواسمها، فعرض عليهم الرسول ﷺ وبصحبته أبو بكر الصديق أن يلجأ إليهم فينصروه ويحموا رسالته، فدار بينه وبين شيوخها وقادتها حوار صريح انتهى بتفهم كل من الطرفين لوضع الطرف الآخر دون الوصول إلى اتفاق شامل، فالرسول ﷺ يطلب النصرة الشاملة، وهم يعرضون لجوءاً ونصرة جزئية حسبماً تسمح به تعهداتهم وقدرتهم ووضعهم السياسي، وهذا نص الحوار مختصراً:

قال لهم الرسول ﷺ:«أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني عبد الله ورسوله، وإلى أن تؤوني وتنصروني، فإن قريشاً قد تظاهرت على الله، وكذّبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد. فأجابه أحد قادتهم وشيوخهم ويدعى مفروق: "دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك". وقال شيخهم المثنى بن حارثة - وأسلم بعد ذلك- "قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتنا دينك، وإنّا إنما نزلنا بين صَرَيَين أحدهما اليمامة والآخر السّمامة!".         فقال له رسول الله ﷺ: »ما هذان الصريان؟ «. قال: أنهار كسرى ومياه العرب. فأما ما كان من أنهار كسرى، فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول. وإنّا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى: أن لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثاً. وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه، يا أخا قريش، مما تكره الملوك. فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب، فعلنا". فقال رسول الله ﷺ: »ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق! وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه. أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟فقال النعمان بن شريك، أحد شيوخهم: "اللهم فلك ذاك"[6].

إن هذه المحاولة من أجل اللجوء والهجرة إلى مكان آمن لنشر الدعوة لم تكلل بالنجاح، بعد مفاوضات شاقة وصريحة بين الطرفين، وذلك نظرا للصعوبات الناجمة عن الوضع الهش لقبيلة بني شيبان، والذين رحبوا بهجرة ولجوء يوفران جزئياً نوعاً من حرية الدعوة في مجال جغرافي محدد لم يكن مرضياً للرسول ﷺ.

 

ثانياً: الهجرة طلباً للجوء من الاضطهاد والظلم

ويتعلق الأمر بالهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة، فقد تمت هاتان الهجرتان فراراً من الاضطهاد والظلم، ورغبة في توفير أجواء للسلامة الجسدية وحرية العبادة والعقيدة للمهاجرين واللاجئين فقط، وذلك بعدما فشلت محاولات الهجرة من أجل ممارسة الدعوة. فعن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ - وكانت ضمن من هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى- قالت: "لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله ﷺ وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله ﷺ لا يستطيع أن يدفع ذلك عنهم، وكان رسول الله ﷺ في منعة من قومه وعمه لا يصله شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم ﷺ: »إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه«. فخرجنا -كما تقول أم سلمة- إليها أرسالاً، حتى اجتمعنا بها فنزلنا خير دار إلى خير جار أمنا على ديننا، ولم نخشَ منه ظلماً"[7].

وقد استعملت في هذه الهجرة مصطلحات خاصة، فالرسول ﷺ استعمل مصطلح الالتحاق، بينما استعمل رئيس النجاشي ورئيس وفد قريش مصطلح اللجوء، وكلا المصطلحين يدل على مفهوم مقارب للجوء في الأدبيات المعاصرة. ويبدو أن النجاشي أجار المسلمين دون الخوض في تفاصيل عقيدتهم، ويظهر هذا من حواره مع وفد قريش المكون من عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، والذي ذهب ليطالبه بتسليم المهاجرين إليهم، حيث قالا له: "أيها الملك، إن فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه، وقد لجئوا إلى بلادك، فبعثنا إليك فيهم عشائرهم: آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم".

ويظهر من رد النجاشي بأنه لو ثبت أن المهاجرين كما وصف وفد قريش، لفسخ لجوءهم وردهم إلى قومهم، ويظهر ذلك من قوله لوفد قريش "لا أردهم عليهم حتى أدعوهم وأنظر ما أمرهم. قوم لجئوا إلى بلادي، واختاروا جواري على جوار غيري، فإن كانوا كما يقولون رددتهم عليهم، وإن كانوا غير ذلك منعتهم".

ويبدو أن الديانتين "الرسميتين" المعترف بهما في بلاده هما اليهودية والمسيحية، بحيث لا يباح الجهر أو الممارسة العامة العلنية لغيرهما، ويظهر ذلك من استدعائه لهم وتوجيه السؤال التالي لهم: "ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم قومكم، ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية، فما هذا الدين؟"[8].

كما يظهر من جواب جعفر بن أبي طالب بصفته رئيس المهاجرين (الجالية المسلمة)، أن اللاجئين المسلمين لا يريدون إزعاج أو إحراج السلطة أو المجتمع في بلد مهجرهم ولجوئهم، فهم يركزون على القيم الإنسانية والدينية المشتركة ويتجنبون كل ما من شأنه تنغيص العلاقة مع هذه السلطة والمجتمع، جاء في جوابه؛ "أيها الملك، كنا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم... لا نحل شيئاً ولا نحرمه. فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا، نعرف صدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي ونصوم، ولا نعبد غيره".

ثم قرأ عليه من سورة مريم (وفيها ولادة يحيى وعيسى)، وكل هذا من القواسم المشتركة مع بلد ومجتمع المهجر واللجوء، يدل عليه تأثر النجاشي الشديد وأساقفته إلى درجة البكاء، وقوله المعبر عن هذه الشعور بعمق هذه القواسم: "إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى، انطلقوا راشدين". كما أنه استفسر عن موقفهم من نبي الله عيسى عليه السلام، باعتباره نبي الدين "الرسمي" فأجابه جعفر بن أبي طالب مركزاً على المشترك دون المختلف فيه بقوله: "هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول". فأبدى النجاشي موافقته على ذلك وأعقبه بقراره: "اذهبوا فأنتم سيوم (أي آمنون) بأرضي، ومن سبكم غرم"[9].

 

ثالثاً: الهجرة لتأسيس المجتمع المسلم

وهي هجرة فريدة لا تتكرر إذ "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية"[10]. وفي ذلك ردع لتوجهات الغلو والهجرة والتكفير عبر العصور. والتي تهجر وتعتزل مجتمعاتها مدعية تأسيس مجتمع إسلامي تأسياً بالنبي ﷺ.

كان هدف تأسيس مجتمع مسلم ودولة مسلمة واضحاً في الهجرة إلى يثرب المدينة، نظراً لكونها تتوفر على كل الشروط المطلوبة عكس الهجرة إلى الحبشة التي كانت مجرد مهجر وملجأ من الظلم والاضطهاد، ذلك أن "الحبشة بعيدة عن الجو العربي... فكيف يمكن أن يقبل العرب دخول الأحباش ليكونوا القاعدة الصلبة للدعوة، وذكريات قريش عن الحبشة مرة منذ عام الفيل؟!"[11].

 

رابعاً: هجرة لجلب مصالح متنوعة

وهي هجرة لتحصيل أو تبادل منافع مشروعة متنوعة علمية وتجارية واجتماعية واقتصادية وغيرها. "ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها"، وهي مقاصد وأنواع غير متناهية، وحكمها هو الإباحة إلا ما كان ذا قصد سيئ أو خالف أحكاما شرعية ثابتة، أو مقتضيات قانونية سارية.

 

خامساً: هجرة ولجوء لدواع اجتماعية

مثل جمع شمل الأسرة، أو تكوين أسرة جديدة، وهي التي أشار إليها النبي ﷺ في قوله: «ومن كانت هجرته لامرأة ينكحها». ويرى ابن رجب الحنبلي أن "من كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها في دار الإسلام، فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك: فالأول تاجر والثاني خاطب، وليس واحد منهما بمهاجر... و في قوله: «إلى ما هاجر إليه» تحقير لما طلبه من أمر الدنيا، واستهانة به، حيث لم يذكر بلفظه"[12].

وليس ما قاله ابن رجب مسلماً، فمن ناحية التسمية فقد سماها الحديث هجرة ولم يذمها، لكنه رتبها في رتبة أدنى من الهجرة في سبيل الله. ومن ناحية التحقير فلا نرى ذلك فدنو الرتبة لا يعني التحقير، وابن رجب هو نفسه يفرق بين الهجرة المباحة والمحرمة، والأعمال المباحة قد تكون مأجورة بحسب النية كما هو معلوم، يقول ابن رجب: "فقد يهاجر الإنسان لطلب دنيا مباحة تارة ومحرمة تارة". وقد وجدت بعد إثبات رأيي هذا أن هناك من يسير في نفس الاتجاه تقريباً، ومثال ذلك رأي ابن حجر العسقلاني فقد ذهب إلى أن "من نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزويج المرأة معاً، فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة، بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة"... وباء عليه فإن "من طلب التزويج  فقط لا على صورة الهجرة إلى الله، لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف"[13]. ونستثني من ذلك الهجرة بواسطة ما يسمى اليوم "الزواج        الأبيض" الذي هو مجرد تحايل يقصد منه المتاجرة بالزواج للحصول على إقامة في بلد المهجر.

أما أن الرسول ﷺ كان يتأكد من سلامة قصد المهاجرين والمهاجرات الوافدين على المدينة، فنقدر أنه تصرف بالإمامة والسياسة، وليس حكماً شرعياً ثابتاً مستمراً، بل يتغير حسب اجتهاد الأئمة والسلطات المختصة، ونرجح أن تصرفه هذا ﷺ كان تصرفاً بالإمامة من أجل حماية الدولة الناشئة من الاختراق والتجسس.

 

سادساً: هجرة علمية لطلب العلم أو نشره

عد ابن صدقة نوع تعليمياً من الهجرة هو "هجرة القبائل إلى النبي ﷺ قبل الفتح كانوا يأتونه يقتبسون منه الشرائع، ويتعلمون منه سنن الهدى والإسلام، ثم يرجعون إلى مواطنهم ويعلمون قومهم"[14]. كوفد قبيلة ربيعة أو عبد القيس الذين قدموا إلى المدينة عام الفتح برئاسة عبد الله الأشج الذي "كان يسائل رسول الله ﷺ عن الفقه والقرآن"[15]. وهذا النوع من الهجرة أو الوفادة شبيه ببعثات التكوين والتدريب والتأهيل.

والنموذج الأبرز في هذا القسم هو هجرة أو إيفاد مصعب بن عمير إلى المدينة قبل الهجرة النبوية لنشر الدعوة والتعليم في المجتمع المدني في مرحلته الجنينية. وهو شبيه بالبعثات التثقيفية والتعليمية.

قال عبادة بن الصامت، صحابي من أعيان الأنصار: "بايعنا رسول الله ﷺ ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتيه ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف.... فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله ﷺ معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين، فكان يسمى المقرئ بالمدينة[16].

ولقد تمت هجرة ومهمة مصعب بن عمير بناء على طلب مسلمي المدينة من أوائل الأنصار، فهي أشبه ما يكون اليوم ببعثة ثقافية أو علمية، فقد أورد البيهقي "أن رسول الله ﷺ إنما بعث مصعباً حين كتبوا إليه أن يبعثه إليهم". فقد كان الأنصار "كتبوا إليه أن الإسلام قد فشا فينا، فابعث لنا رجلاً من أصحابك يقرئنا القرآن، ويفقهنا في الإسلام، ويقيمنا لسنته وشرائعه، ويؤمنا في صلاتنا. فبعث إليهم مصعب بن عمير، فكان ينزل على أبي أمامة أسعد بن زرارة، وكان أبو أمامة يذهب به إلى دور الأنصار يدعوهم إلى الإسلام، ويفقه من أسلم منهم"[17].

لقد قام مصعب بمهمته التعليمية والتثقيفية، بمساعدة أسعد بن زرارة لزعماء القوم مثل أسيد بن حضير وسعد بن معاذ اللذين أسلما ومن خلالهما أسلم كامل قومهما من بني عبد الأشهل، ثم معظم سكان المدينة[18]. وانتهت مهمته الدعوية والتعليمية مع بيعة العقبة الثانية حيث "رجع إلى مكة، وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك، حتى قدموا مكة، فواعدوا رسول الله ﷺ العقبة"... وقد تكللت المهمة بالنجاح، وهذا ما أكده كعب بن القين (كعب بن القين شهد العقبة وبايع الرسول ﷺ) بقوله: "خرجنا مع حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا"[19].

 

سابعاً: الهجرة إلى دار الإسلام

وهي هجرة أو هجرات تمت بعد تأسيس المجتمع المسلم، كهجرة مسلمي مكة إلى المدينة بعد تأسيس مجتمع مسلم وقيام دولة إسلامية فيها قبل فتح مكة، لكن بعض المسلمين لم يتمكنوا من الالتحاق بمجتمع المدينة ونصرته لسبب أو لآخر إلا بعد فتح مكة أو أثناء عملية الفتح، فجاء الحديث النبوي ليؤكد أنه "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا"[20]. فالهجرة بمعناها العام لم ولن تنقطع، ولكن الهجرة الخاصة والحصول على صفة المهاجر إلى المدينة، أي المضحي المخاطر والمناصر للدين قبل الانتصار الحاسم في مكة انتهى أمده بالفتح، وهذا ما يحدث في الحصول على صفة المقاوم اليوم الذي ينتهي بانتهاء ظروفه وأسبابه.

وقد أكد شرف الدين النووي في شرحه على صحيح مسلم هذا المعنى بقوله: "قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة، وتأولوا هذا الحديث تأويلين:

أحدهما: لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار إسلام، فلا تتصور منها الهجرة.

والثاني وهو الأصح أن معناه: أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازاً ظاهراً انقطعت بفتح مكة، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة، لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزاً ظاهراً بخلاف ما قبله"[21].

 

المحور الثاني: قيم ومبادئ مؤطرة وحاكمة للهجرة الإنسانية

يمكن للدارس والباحث أن يستخلص من تجارب الهجرة الإسلامية الأولى، مجموعة من القيم والآداب والمبادئ الهادية أو الخادمة للتشريع الداخلي والدولي، وفيما يلي بعض هذه القيم على سبيل المثال لا الحصر:

 

1- مركزية العدل في مقاصد الهجرة واللجوء

فالهجرة واللجوء يتمان بحثاً عن العدالة، وقد وصف النبي ﷺ النجاشي بكونه "ملكاً عادلاً" بقوله: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد»[22]. وقد قرر عدد من الفقهاء والعلماء أهمية العدل ومركزيته في الإسلام، ومن بينهم ابن تيمية الذي أكد أن "الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة". وفي بعض أقواله: "ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة"[23].

 

2- وجوب الهجرة في حالة الاضطهاد

يوبخ القرآن الكريم المضطهدين المتقاعسين عن الهجرة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [سورة النساء: 97]. قال القاضي عياض: "واتفق الجميع على أن الهجرة قبل الفتح كانت واجبة عليهم، وأن سكنى المدينة كان واجباً، لنصرة النبي ومواساته بالنفس"[24]. وقد تمسك الونشريسي (834 - 914 ه/ 1430- 1508 م) في فتوى مشهورة بوجوب هجرة المسلمين من الأندلس بعد اضطهادهم فيها، حتى اتهمه البعض بالتشدد والإسهام في ضياع الأندلس بسبب عدم إفتاء المسلمين المضطهدين في الأندلس بالصمود. وأنه " كان عليه وعلى أصحابه الشيوخ، قبل أن يصدر هذه الفتوى، أن يفعل شيئا لاستنقاذ أولئك الناس، كأن يجود بشيء من ماله ويتصدى لجمع المال لاستنقاذهم"[25].

 

3- مراعاة الالتزامات والتعهدات الداخلية والخارجية لبلد ودولة المهجر واللجوء

فبنو شيبان لما عرض عليهم الرسول ﷺ نصرته قبلوا نصرته وحمايته على حدود قبيلتهم مع المناطق والقبائل العربية، واعتذروا عن نصرته من جهة حدود قبيلتهم مع الفرس نظرا للمعاهدات السابقة التي تربطهم معه، فاحترم التزامهم وقبل اعتذارهم. كما أن النجاشي حين راسله الرسول ﷺ وعرض عليه اعتناق الإسلام، عبر عن اقتناعه بالإسلام واستعداده للهجرة إلى المدينة وإرسال ابنه مسبقاً للنصرة، ولكن على صعيد الدولة والمجتمع فهو لا يملك فرض الإسلام عليهما، وذلك واضح من جوابه وقوله: "وقد بعثت إليك يا رسول الله بأريحا بن الأصحم ابن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي، وإنْ شئتَ أن آتيك فعلتُ يا رسول الله فإنني أشهدُ أنَّ ما تقولُ حق"[26]. فقبل منه ذلك لعدم إحراجه أمام التزاماته مع شعبه، وفي ذلك يقول ابن حزم الأندلسي: "وكان قد أسلم (يقصد النجاشي)، ولم يقدر على إظهار ذلك خوف الحبشة"[27].

 

4- الهجرة واللجوء ينبغي أن تكون إلى البلاد الأكثر ملاءمة للمهاجرين واللاجئين

فقد لاحظنا ارتفاع منسوب التجانس مع المجتمعات المهاجر إليها من طرف المسلمين، خصوصاً أهل الكتاب والمسيحيين منهم خاصة: عداس في الطائف، مجتمع الحبشة المسيحي وملكه النجاشي.

 

5- وجوب مراعاة واحترام المهاجرين المسلمين لأنظمة وقوانين ومؤسسات وعقائد بلد المهجر والملجأ

6- وجوب قبول لجوء المستضعفين والمضطهدين، وإيوائهم ومساعدتهم مسلمين أو غيرهم

7- قبول جوار المواطن المسلم ودعوته للاجئين والمهاجرين

دلت السوابق على إمكان حماية مواطني الدولة المسلمة للمضطهدين باسم المجتمع المسلم، باستثناء الخارجين عن القانون (وهم المحدثون) وهو حق لعامة المسلمين أي للمجتمع، قال رسول الله ﷺ: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده، من أحدث حدثاً فعلى نفسه، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"[28]. فالمواطن المسلم حينما يدعو مهاجراً أو لاجئاً أو يكفل عاملاً أو وافداً، فكأنه يقوم بذلك نيابة عن المجتمع والدولة، وعليهما احترام التزامه ولا ترفض إلا في حالات خاصة أو ضرورة قصوى إذا كانت تهدد أمن أو مصالح البلاد.

 

8- على القيادات حماية مواطنيها وتوفير الأمن الروحي والنفسي والجسدي لهم

ولو عن طريق الهجرة واللجوء خارج البلد، كما فعل الرسول ﷺ في تهجير المسلمين إلى الحبشة رغم أنه كان آمناً "في منعة من قومه وعمه، لا يصله شيء مما يكره مما ينال أصحابه".

 

9- تركيز المهاجرين واللاجئين على القيم الإنسانية والدينية المشتركة

واجتناب كل ما من شأنه تنغيص العلاقة مع السلطات والمجتمع في بلد المهجر والملجأ، أو إحراجهم أمام شعوبهم والرأي العام لديهم.

 

10- اعتبار الدول القائمة حالياً "إسلامية" حتى ولو شابتها اختلالات ونقائص

كما هو الشأن بالنسبة للأفراد من المسلمين الذين يقومن بمعاصي ومخالفات لا تخرجهم من دائرة الإسلام، ومن هنا نفهم الحديث النبوي "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية"، وذلك للحد من الفتن الداخلية وتوفيرا للأمن والاستقرار.

 

الخلاصات والتوصيات

  • العمل على إدماج وتدريس الهجرة الإنسانية واللجوء في مختلف وأنظمة ومناهج وأسلاك التعليم.
  • أهمية استخلاص منظومة للقيم والمبادئ الحاكمة والمؤطرة للهجرة الإنسانية من التجربة الإسلامية.
  • ضرورة العمل بمنظومة القيم المستخلصة.
  • لزوم إدماج القيم الإسلامية المستخلصة في منظومة القيم الإنسانية.
  • الاستعانة بهذه القيم عند تقنين القوانين الخاصة بالهجرة واللجوء وما يجري مجراها.
  • الإفادة من القيم المذكورة وتضمينها في المواثيق والمعاهدات الدولية.

 

 

 * الدكتور عبد السلام بلاجي أستاذ الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، الرباط – المغرب. قدم هذه الورقة في المؤتمر الدولي الرابع لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق المنعقد بالدوحة في 2-3 أبريل 2016.

 

 

 

الهوامش

1 أخرجه أحمد في المسند، ج1، ص 192، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

2 الحنبلي، ابن رجب. جامع العلوم والحكم. تحقيق شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس. الطبعة الثانية. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1412ه-1991م، الجزء الأول، ص 72.

3 العسقلاني، أحمد. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. تحقيق ومراجعة عبد العزيز بن باز وآخرون. الطبعة الثالثة. القاهرة: دار المطبعة السلفية، 1407ه، الجزء الأول، ص 23.

4 بن صدقة، تاج الدين. المنهج المبين في شرح الأربعين. تحقيق مصفى أزرياح. الطبعة الأولى. المغرب: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الجزء الأول، 1435ه-2014م، ص 247 – 249 بتصرف.

5 أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب.

6 البيهقي، أبو بكر. دلائل النبوة، المجلد الثاني. الطبعة الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية، 1405ه-1985م، ص 425 -426؛ ابن كثير. البداية والنهاية. تحقيق الشيخ محمد البقاعي. بيروت: دار الفكر، الجزء الثاني، 1425ه-2005م، ص 517.

أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب.

7 أخرجه البيهقي في كتاب السنن الكبرى عن أم سلمة.

8 بن يسار، محمد. سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمد حميد الله. الرباط: معهد الأبحاث والدراسات للتعريب، 1396ه-1976م، ص 195.

9 بن يسار، محمد. سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمد حميد الله. الرباط: معهد الأبحاث والدراسات للتعريب، 1396ه-1976م، ص 196؛ سيرة ابن هشام. تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، المجلد الأول، ص 336.

10 العسقلاني، أحمد. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الأول، ص 24 - 25.

11 الغضبان، منير. المنهج الحركي للسيرة النبوية. الطبعة الرابعة. الأردن: مكتبة المنار الزرقاء، 1409ه-1989م، ص 135.

12 الحنبلي، ابن رجب. جامع العلوم والحكم. الجزء الأول، ص 73.

13 أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب.

14 طبقات ابن سعد. تحقيق إحسان عباس. بيروت: دار صادر، المجلد الأول، ص 238.

15 بن صدقة، تاج الدين. المنهج المبين في شرح الأربعين. الجزء الأول، ص 247.

16 سيرة ابن هشام، 1/ 434.

17 البيهقي عن عاصم بن عمر بن قتادة، دلائل النبوة، المجلد الثاني. ص 431، 437.

18 سيرة ابن هشام، 1/ 436- 437.

19 سيرة ابن هشام، 1/ 438- 439.

20 أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة وعبد الله بن عباس.

21 صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإمارة. بيروت: دار الكتب العلمية.

22 بن يسار، محمد. سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمد حميد الله. الرباط: معهد الأبحاث والدراسات للتعريب، 1396ه-1976م، ص 194، وأخرجه البيهقي كلاهما عن أم سلمة رضي الله عنها.

23 مجموع فتاوى ابن تيمية. جمع وترتيب عبد الرحمن محمد بن قاسم. الرباط: مكتبة المعارف، ص 63.

24 فتح الباري شرح صحيح البخاري، الجزء 7، ص 267.

25 الونشريسي، أبو العباس. أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب النصارى على وطنه ولم يهاجر. تحقيق الدكتور حسين مؤنس. مدريد: معهد الدراسات الإسلامية، 1377ه-1957م، ص 19.

26 دلائل النبوة للبيهقي، 2/ 310. البداية والنهاية، الجزء 2، ص 438. الشامي، محمد. سبل الهدى والرشاد. تحقيق الدكتور مصطفى عبد الواحد. القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1418ه-1997م، الجزء 12، ص 369.

27 الظاهري، أبو محمد. جوامع السيرة وخمس رسائل أخرى. تحقيق إحسان عباس. مصر: دار المعارف، 1900م، (ت 456هـ)، تحقيق إحسان عباس، ص 63.

28 أخرجه أحمد في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأبو داود والنسائي في السنن، عن علي بن أبي طالب.

Post your Comments

Your email address will not be published*

Add new comment

Restricted HTML

  • Allowed HTML tags: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • Lines and paragraphs break automatically.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.