التنبّؤ العلمي ومستقبل الإنسان, مراجعة الدكتور: عبد الرحمن حللي

" التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان" [1]

مراجعة الدكتور: عبد الرحمن حللي

بيانات الكتاب

التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان

د.عبد المحسن صالح ( 1928 -  1986م )

سلسلة عالم المعرفة- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-الكويت - العدد 48، ديسمبر 1981م، 205 ص.

 

أولاً : عرض الكتاب

من شأن المسلم أن يألف الحديث عن المستقبل ويفكر به، فالإيمان بالغيب ركن أساسي من إيمانه والمحرك لسلوكه، ولئن كان الغيب بالنسبة للمؤمن مرتبطاً بما أخبر به الوحي الذي يثق به، فإن الوحي نفسه دعا الإنسان لاستكشاف الغيب القريب منه والبعيد من خلال تتبع القوانين التي أقامها الله في الكون (سنة الله)، والمقدمات الدالة على غيب الماضي (بدء الخلق)، أو غيب المستقبل (ما في الآفاق والأنفس)، ضمن هذا الإطار يمكن تنزيل وفهم كتاب "التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان"، للمرحوم د.عبد المحسن صالح ( 1928 -1986م)، الذي عمل باحثاً وأستاذاً لعلم الكائنات الدقيقة في جامعة الاسكندرية، ونَشَر عشرات الكتب والبحوث والمقالات في علوم الحياة والبيئة، ويأتي كتابه هذا الصادر عن سلسلة عالم المعرفة (عدد 48، ديسمبر 1981م) بعد أقل من عشرة سنوات من بدء تجارب الهندسة الوراثية (1972م)، والتي تتبع المؤلف تطوراتها حتى تاريخ دفع كتابه للطباعة، فضمَّن الكتاب تنبؤاتٍ توقع أن تحدث في مستقبل الإنسان القريب. والأساسُ العلمي للتنبؤات التي أوردها في الكتاب يعتمد على ممارسته الطويلة في علم البيولوجيا وهندسة الوراثة تدريساً وبحثاً، فضلاً عما أورده مما هو معروف من نتائج التجارب العلمية، وما عزاه إلى المصادر المختصة، كما ميَّز المؤلف بعض التنبؤات المسبوق إليها بعزوها لأصحابها.

وإذ يوضح المؤلف المقدمات العلمية التي بنى عليها تنبؤاته، يؤكد على الفرق بينها وبين الخيال العلمي أو ما سماه "التنبؤات الرديئة" التي تبني على المقدمات العلمية ما لا يمكن أن يبنى عليها علمياً، ونَبَّهَ إلى الفرق بين التنبؤ العلمي وبين الخيال الخرافي، والمؤلف هو من أصدر من قبل كتاب "الإنسان الحائر بين العلم والخرافة" – في سلسلة عالم المعرفة نفسها – فـ"التنبؤ العلمي يختلف اختلافاً جذرياً عن التنبؤات التي يدعيها المشعوذون والدجالون والمنجمون ومن في حكمهم، إذ ليس لتنبؤاتهم سند أو أساس"، فما يكتشفه العلماء – كما يؤكد المؤلف –  هو جزء من علم الله واستفادة من الأسرار التي وضعها الله في خلقه، الذي أمر بالبحث عن كيفية بدئه [العنكبوت:20]، وفي هذا طمأنينة وتخفيف لوقع الصدمة التي ستغير حياة الإنسان في المستقبل. فـ"إنه من الصعب جداً على العقل أو النفس أن تعيش في غير زمانها الذي عاينت أحداثه واستوعبت أفكاره وشهدت معاملاته وعرفت أدواته واندمجت مع ناسه وتكيفت مع عاداته"، وهذا يفسر ظاهرة صراع الأجيال حيث لايفهم كل جيل ما شهده الآخر وتربى عليه، فمن سنن الكون والحياة أن يألف الإنسان التغيير تدريجياً، وقد تؤول الصدمة بالتغيير المفاجئء إلى اختلال لا يمكن استيعابه، كما حصل في قصة أهل الكهف التي حكاها القرآن الكريم، ومن شأن التنبؤ العلمي أن يخفف من صدمة الإنسان بالتغيير القادم في أنماط الحياة.

بعد التمهيد، يتابع المؤلف في سبعة فصول متدرجة ومشوقة سردية الكتاب، بدءاً بـ"1-معنى التنبؤ العلمي"، ثم يتدرج بتنبوءاته العلمية عن "2-مستقبل التكاثر بالخلايا الجسدية لا الجنسية!"، و"3-المستقبل قد يتمخض عن طراز جديد من البشر!"، ثم يناقش تساؤلات تفرض نفسها "4-إنهم يغيرون طبيعة المخلوقات"، ثم يعود إلى التغييرات الجدية التي حصل بعضها ويمكن أن تحصل مثل "5-تغيير صفات الكائنات ومؤشرات المستقبل" و"6- ميكروب يحمل بعض مورثات البشر "، ويختم الكتاب بـ"7- تعقيب وخلاصة وخاتمة".

 

1-معنى التنبؤ العلمي

يفصل المؤلف الفرق بين تنبؤ العرافين والدجالين (التنبؤ الغيبي)، وبين "التنبؤ العلمي" موضوع الكتاب، وأنه "كرأي العلم يكون رأي الدين.. فالغيبيات لا يعلمها إلا الله"، وأن "التنبؤ العلمي لا ينبع من فراغ، بل هو نابع حقاً من نواميس الكون وأحكامه، ثم إنه يتماشى معها، ولا يتعارض مع قواعدها"، ومثاله التنبؤ بالطقس المستند إلى علوم لها أصولها وتطبيقاتها وحساباتها ومعادلاتها، وتنبع من النواميس الطبيعية التي أرساها الله في جو الأرض ليسري فيه كل شيء بمقدار، وكذلك التنبؤ بالحركة والزمن (كمواقيت الصلاة ومطالع الأشهر القمرية، ومواعيد الكسوف والخسوف المحسوبة لمئات السنين بالدقيقة والثانية مع المكان والمدة، وكذلك اقتراب المذنبات من الأرض ومواعيد ذلك ومدته ...)، واستناداً إلى هذه الحسابات فالشمس ستبقى خمسة آلاف مليون عام قادمة ما يعني وجود الأرض بما عليها من صور حياة قد تختلف في قليل أو كثير عما نعرفه الآن، ويحلل المؤلف كيفية حساب عمر الشمس وصلته بما تستهلكه من غاز الهيدروجين وتأكيد ارتباط الأرض به.

إن كثيراً من الاكتشافات تبقى معادلات وافتراضات أولية وبعد سنوات تصبح فتحاً مذهلاً في مجالها، ففكرة الطاقة السالبة للإلكترون التي اكتشفها الانكليزي بول ديراك (1928) لم تثبت إلا بعد أربع سنوات من قوله بها ، وتنبأ الياباني هيديكي بجسيم سلام في النواة مع تقدير كتلته عام 1935م، ولم تثبت نبوءته إلا بعد أربع عشرة سنة. وثمة أمثلة متعددة في عالم الفلك والكواكب.

إلى جانب هذه النبوءات العلمية ثمة تنبؤات خيالية رديئة وإن كانت تفوح منها بعض رائحة العلم الخاصة بالطاقة والمادة كالتقاط الأمواج الصوتية للبشر الذين سبقونا، أو نقل البشر والأشياء بسرعة الضوء، وكذلك ثمة تنبؤات كانت تعد خيالية وتحققت مع السنين كالأقمار الصناعية والاتصالات. وهناك تنبؤات مستقبلية تنشأ من حصيلة المعلومات التي تتجمع بين أيدينا، قد تتحقق في أجيالنا الحالية أو تكون بعيدة المدى، كالزيادة السكانية ونسبتها مع الزمن، وهي صحيحة إلى حد كبير. لكن ينبغي "ألا نأخذ بعض التنبؤات على علاتها، لأن ذلك قد يؤدي إلى استنتاجات مضللة".

 

2- مستقبل التكاثر بالخلايا الجسدية لا الجنسية!

يتحدث المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب عن بدايات التجارب المتصلة بالتكاثر اللاجنسي، وصولا إلى التساؤل عن إمكانية نجاحه في عالم الحيوان، وينبغي أن نلاحظ هنا أن ما يتحدث عنه المؤلف (المتوفى 1986م) أصبح يصطلح عليه (الاستنساخ)، وقد تحقق ما تساءل عنه حين أعلن عن استنساخ النعجة "دوللي" في أوائل سنة 1997. وبالعودة لبداية التجارب، يشير المؤلف إلى تساؤل مهم رافق تجربة شطر الخلايا الحيوانية لكائن الهيدرا وغيرها وتكثيرها، وهو: إذا ما انشطر الجسد إلى أجزاء فهل تنشطر الروح بدورها إلى أجزاء ويحل كل جزء من الروح في جزء من الجسد المجزأ لتكتمل معه في كائن كامل؟، ويعلق على هذا التساؤل بأن العلم لا يبحث في الروح وأنها من أمر الله، ويستذكر تجربة إبراهيم عليه السلام التي حكاها القرآن بتقطيع الطير (البقرة:260).

واستناداً إلى الدراسات، يرى المؤلف أن إنتاج نسخ بشرية من الخلايا الجسدية للإنسان ذاته ممكن من حيث المبدأ لكنه لن يتحقق إلا بعد 200 أو 300 سنة ، ويتنبأ البعض حصوله قبل ذلك، ويشبِّه العملية بإيقاظ الجينات النائمة في أية خلية جسدية لتعمل من جديد بإزالة الأغلال الكيميائية التي تشل معظم الجينات عن العمل (كإحياء أهل الكهف)، وهي نفسها عملية تجدد خلايا الجسم عند الكسور والجروح. ويتابع الحديث عن الخلايا الجذعية وظاهرة الخلايا السرطانية واحتمالية السيطرة عليها.

ويتساءل: هل يمكن إعادة إنتاج نسخ من العباقرة والمبدعين؟، وهل من حق العلماء أن يفعلوا ذلك دون تدخل الحكومات والهيئات؟ ويجيب – في وقت تأليف الكتاب – أن هذا السؤال سابق لأوانه ولا شك أنه سيطرح مستقبلاً فهو هدف قومي واجتماعي وأخلاقي وسلوكي، مما قد تترتب عليه نتائج غريبة. لكن السؤال قد طرح، وسنت القوانين في هذا المجال. وقد أصبحت عشرات الاكتشافات أمراً عادياً بعد ان كانت أمراً مستغرباً قبل سنين، و"المستقبل سيكون أغرب مما نتصور".

يستعرض المؤلف مقولة عالم الوراثة شنشايمر Shinsheimer الذي يرى "أن التكاثر اللاجنسي او الجسدي (Cloning) سوف يتيح لنا أن نحتفظ ونخلد أروع وأبدع الطرز الوراثية التي تنتشر في نوعنا، أسوة بما حدث في الاحتفاظ بالتراث الفكري للعباقرة عن طريق اختراع الكتابة"، ويعلق عليه بأن "التقدم في مجال العلوم قد يكون سلاحاً ذا حدين"، والطاقة النووية مثال ذلك.

فمن هذه الجوانب الإيجابية إيجاد قطع الغيار لأجزاء معطوبة في الجسم، فيمكن أن يمول إنسان إنتاج نسخة منه لن يلفظها الجسم عند استبدالها .. لكن هل يمكن أن يسمح مجتمع المستقبل بذلك؟ ومن ذلك إعادة انتاج الطفل الذي يموت فجأة بأخذ خلية منه! تساؤلات كثيرة تفرض نفسها حول مفهوم الأسرة .. عندما يوجد أَبَوان أو أُمّان .. أو نسخة شابة جديدة من الزوجة القديمة .. وكيفية تعامل الأبناء مع نسخ أصغر منهم من أبيهم وأمهم ... ما هو الوضع الشرعي بين النسخ الجديدة؟ ولو تم الأمر ستكون الصفات الوراثية طبق الأصل .. وغير ذلك سيتأثر بالبيئة التي تعيشها النسخة الجديدة.

لقد نوقشت هذه المسائل خلال العقود الماضية – بعد وفاة المؤلف – في عشرات الندوات والبحوث والكتب دينياً وقانونياً واجتماعياً، لكن مبررات تساؤلات المؤلف لا تزال مشروعة، فتجارب الإخصاب خارج الأرحام – كما يقول المؤلف –  استمرت لسنين عديدة من وراء الجدران دون أن يعرف الرأي العام عنها شيئاً قبل إعلان قرب نجاح ولادة طفلة بدأت حياتها الأولى في أنبوب الاختبار.

 

3- المستقبل قد يتمخض عن طراز جديد من البشر!

في الفصل الثالث، يعرض المؤلف النبوءة الأهم التي يتحمس لها، وهي "الإنسان اليخضوري"، أو "السلالة البشرية الخضراء"، فقد تؤدي الدراسات مستقبلاً إلى إنتاج سلالة بشرية جديدة يدخل في تكوينها الوراثي بعض الصفات النباتية المرغوبة، وعلى رأسها عملية التمثيل الضوئي التي تميز بها النبات عن الحيوان والإنسان، بمعنى أن يصبح الإنسان ذاتي التغذية يعتمد على الطاقة الشمسية أو الضوئية مباشرة كالنبات تماما!

فأصل الفكرة موجودة في الطبيعة، فمن الكائنات الأولية على وجه الأرض ذات الخلية الواحدة كائن (يوجلينا - Euglena ) متردد بين عالم النبات والحيوان، ويحيا حياتين، التغذية العضوية في الظلام والضوئية في أشعة الشمس. وكذلك الشعب المرجانية (حيوانية) تشتمل على طحلب (نباتي) تتبادل معه في صفقة التخلص من النفايات الكيماوية الناتجة عن التنفس والتي تساعد في التمثيل الضوئي للطحلب مقابل تزويد المرجان بالأكسجين.

ثم يستعرض المؤلف مبررات نبوءته بمسيرة اكتشافات سابقة والمواقف منها، فقد ثار جدل كبير بين العلماء والفلاسفة عندما نجح الكيميائي الألماني الشاب فريدريك فهوهلر عام 1828م في تخليق جزيئات اليوريا العضوية، لكن من تجربته انطلقت الكيمياء العضوية التخليقية لانتاج آلياف صناعية لا حصر لها  تتفوق على الألياف الطبيعية. وتمت تجارب لدمج خلية الإنسان بخلية الحيوان، وقد اندمجت لكن الفأر أكل الإنسان بسرعة الانقسام، فذلك لا يعني أن كروموسومات الفئران أقوى، كذلك الأمر جرى بين فأر وكتكوت.

إن نجاح تهجين الخلايا يُبقي الاحتمال قائماً لإنتاج سلالة من البشر تتغذى بالطاقة الشمسية، فالبحوث تجعلنا نتنبأ بإمكانية نجاح إيجاد الإنسان الأخضر الذي قد يظهر بعد مئة عام أو أقل أو أكثر، ويعلل المؤلف أهمية التفكير الجدي في هذا الاتجاه أن الحاجة المتزايدة للطعام مع تكاثر السكان ستدفع البحوث هذه للتقدم في إنتاج إنسان ذاتي التغذية وليس رماماً (يعيش على المادة العضوية) فسيغني بذلك عن النشويات والسكريات ويتم تأمين البروتينات بالتسميد.

ويضفي المؤلف بعض الجوانب الإيجابية الهامشية لهذه النبوءة كزوال التمييز العنصري فلا أبيض ولا أسود، فسيوحد اليخضور (الكلوروفيل) بين الناس ويجعلهم سواسية، ولن توجد أزمة في الغذاء والكساء والمأوى لأن الإنسان الجديد لا يأكل، وقد تُعدِّل هندسة الوراثة إفراز العرق ليصبح عطراً، وسيختلف معيار الجمال، وستتغير خصائص المياه التي يحتاجها الإنسان لتكون غير عضوية، وسيكون اهتمام الناس بعقولهم لا بطونهم، وتقل هموم الحياة وتصبح الأمراض أقل، وتنعدم الفضلات ويطول العمر وتتأخر الشيخوخة، وقد يصبح متوسط العمر 180-200 سنة، وستتغير أنماط الملذات، وسيحتاج الإنسان لألبسة خاصة تسمح للأشعة بالنفاذ. ويؤكد في غير موضع أنه "يجب ألا نقيس معايير المستقبل بالمعايير التي نشأنا عليها وتأقلمنا بها".

 

4- إنهم يغيرون طبيعة المخلوقات.

يؤكد المؤلف في هذا الفصل جدية الأبحاث وإمكانية خلط المؤثرات الوراثية من خلايا من أنواع مختلفة، ورغم تحذير الكثيرين من تجارب العلماء هذه وما يترتب عليها من أخطار، فإن رؤية العلماء تستند إلى أنها تقدم إجابات عن الحياة والكون، مشيراً إلى بعد الدول العربية – في عصره – عن هذا الجدل وعدم علمها به. ويُرجع لب الموضوع وجوهره إلى "إمكان قص جزء من شريط خلية في كائن لإدخاله في البروجرام الوراثي لخلية كائن آخر"، مع استبعاد التصورات الخيالية لدى القدماء عن جسم مركب من إنسان وحيوان، ويقلل من المخاوف من التجارب نفسها، فـ"الكارثة قد تأتي من الإنسان ذاته، فأعدى أعداء الإنسان هو الإنسان ذاته!". أما التخوف من الطفرات، فـ"الطفرات نادرة في الكائنات الراقية"، كما أن الطفرة فيها نعمة وفيها نقمة. ويبقى السؤال "هل من حق العلماء وحدهم أن يقرروا؟"، وهم يمقتون الوصاية عليهم ويعرفون هدفهم (التعمير لا التخريب). ويختم الفصل مؤكداً أن "الإنسان سوف يتحكم في الحياة ذاتها، ويسخّر برامجها لحسابه!"، ومتفائلاً أن "البحوث البيولوجية ستكون أكثر إثارة، وأعظم فائدة، وأكبر أثراً في حياة الناس من غزو الفضاء، والتجول على القمر أو المريخ، أو السفر إلى الكواكب الأخرى البعيدة".

 

5- تغيير صفات الكائنات ومؤشرات المستقبل.

يُبَسِّط المؤلف التجارب على الخلايا بتشبيهها بالإنسان، فكما يمرض الإنسان تمرض الخلية وتستخدم وسائلها لعلاجها، ودراسة الخلية هي محاولة فهم آلية عملها فهي بمثابة كتاب يُقرأ وتترجم لغتها. ثم ينتقل إلى محور النقاش متسائلاً "هل من الممكن أن يقوم العلماء بتخليق كائن جديد له صفات غير معروفة على هذا الكوكب؟ .. أو لنطرح السؤال بصيغة أخرى أخف وطأة: هل يمكن حقاً نقل جزء من بروجرام أو خطة خلية، ونضعه في بروجرام خلية أخرى، لتنتج لنا طفرة أو طفرات جديدة بتوجيه من العلماء، لا يتوجه من الطبيعة؟"، وينقل جواباً جريئاً لعالمة الهندسة البريطانية نورين موراي، فتقول "أستطيع أن أتكهن أحياناً بأنواع الحياة التي أستطيع تخليقها"!  ويعلق مفرقاً أن "هذا النقل [بين الخلايا المختلفة] ليس خلقاً.. بل تخليق أو تقليد .. والفرق كبير جداً بين التعبيرين". إن الأمر في الواقع جدي، فقد ظهر عام 1979م تعبير "براءة اختراع الكائنات الحية"، كما حدثت محاكمات في أمريكا عام 1981م تتصل بملكية براءة اختراع ميكروب معدل وأُقِرَّت إمكانية تسجيلها.

إن خوف الناس  يأتي من مخاطر يمكن الاستغناء عنها قد تأتي بها التغييرات والتجارب، أما رؤية العلماء فهي أن أمراض الإنسان لا تأتيه من خارجه  بل من داخله .. من الخلايا ...وهي تحتاج إلى تعديل وإصلاح للقضاء على الأمراض الوراثية والعاهات. ويتساءل: ما الذي يمنع من تحسين صفات الإنسان الحميدة في الذاكرة والقوة ...أليس عملاً إنسانياً؟  ويستعرض نجاحات العلماء في التجارب على الميكروبات، فـ"تشير التجارب من حيث المبدأ إلى إمكان نقل جينة أو عدة جينات من خلية أي كائن إلى خلية أي كائن آخر .. بداية من الإنسان إلى الميكروب.. صحيح أن الإنسان هو أرقى المخلوقات بلا منازع، والميكروبات هي أدناها،  لكن الحدود الفاصلة بين الأرقى والأدنى قد تهاوت". ولا يستبعد مخاطر تصميم كائنات بكتيرية تحمل كل سوءات الأرض ينتج عنها سلالات مدمرة لا تعرف أجهزة المناعة عن أصولها شيئاً، ويستعرض تحذيرات العلماء من تطورات الهندسة الوراثية، لكن رغم وضع تشريعات كثيرة للحد من شأنها إلا أن القيود تكسرت شيئاً فشيئاً بعد تبخر الشكوك والمخاوف مع تشجيع النتائج.

 

6- ميكروب يحمل بعض مورثات البشر .

إن مما شجع وأشعل شرارة بحوث الهندسة الوراثية ما بشرت به التجارب من آفاق إيجابية على صحة الإنسان، فالنجاح في تصنيع الأنسولين اعتمد على نقل جينة بشرية إلى أحد أنواع الميكروبات، فاليوم نجاح على مستوى الميكروب وربما غداً على مستوى الإنسان، يقول أستاذ البيولوجيا بجامعة كاليفورنيا – في حينه – كليفورد جروبستان: "إن الصعوبات العلمية التي دفعت كثيراً من العلماء لتجنب هذا النوع من البحوث (يقصد معاملة خلايا الإنسان بنفس الطريقة التي تعامل بها البكتريا المعدلة) يرجع إلى كون البشر كائنات ضخمة جداً، ومعقدة جداً، وبطيئة التكاثر جداً (بالمقارنة مع البكتريا مثلاً) وهذا من شأنه أن يثبط الهمم لدراسة الإنسان في المعامل (يقصد الخلايا الجسدية للإنسان)" ويتابع "إلا أن هندسة الوراثة سوف تغير عندنا هذه النظرة". فثمة إمكانية لتلقيح بويضة خارج الرحم ثم مراقبتها واستخراج بويضة منه وحيوان منوي والحصول على جنين جديد من الجنين نفسه، ويرى أن ذلك يجب ألا نفعله فقد يتحقق مستقبلاً، إن "هندسة الوراثة لن تتناول في بحوثها الإنسان كجسد، بل ستتناوله كخلايا جنينية مزروعة في أوساط غذائية مناسبة"، وإلى تاريخ تأليف الكتاب فـ"إن احداً من العلماء لم يجرؤ حتى الآن أن يمس خلية من خلايا الإنسان، ويضع فيها بروجراما وراثيا غريبا"، ولعل الإجابة تختلف اليوم؟!

 

7- تعقيب وخلاصة وخاتمة.

يؤكد المؤلف في خاتمة الكتاب أن دقة التنبؤ بالمستقبل تتناسب مع دقة معلوماتنا عن أسرار الكائنات وبرامجها الوراثية، ورغم ما يكتنفها من الغموض فإن التعاون العلمي والحوار والميزانيات الضخمة وكسر الحصار عن هذا العلم أعطى البحوث دفعة هائلة كأنها حصان جامح لا يستطيع أحد إيقافه. ويتحدث المؤلف عن مجادلات ساخنة جرت بين العلماء حول تجارب قد تكسر القيود بين الكائنات وما يترتب عليها. أشار إلى بعض أسئلتها حينها آلفين توفلر في كتابه "صدمة المستقبل" وكان قد كتب عام 1970م، أي قبل الطفرة الحقيقة في علم الهندسة الوراثية، وتساءل فيه: من الذي يعيش ومن الذي يموت؟ من يكون الإنسان؟ ما التطبيقات التي يمكن أن تتأسس على هذه البحوث؟ وهل يمكن تجنب الرعب الذي قد يأتي؟، واحتمالات القدرة على إنتاج سلالات بشرية حسب الطلب. وهي تنبؤات تناسب تلك المرحلة والعنصرية التي فيها.

ويعود المؤلف ليؤكد على نبوءته بالإنسان اليخضوري (الكلوروفيلي)، وأنها مبنية على حقيقة وجود ازدواج في بعض الكائنات الأولية بين الصفات الحيوانية والنباتية في مخلوق واحد، دون تقليل من الصعاب أمام تحقق تلك النبوءة والمتفق عليها مقدماً، لكن غرابة الأفكار الحالية لن تكون كذلك في المستقبل. وينبه المؤلف إلى أن معظم الكتّاب المستقبليين ليسوا علماء فيطلقون الخيال دون حساب، أما العلماء فيلتزمون بما تمليه عليهم آداب المهنة، ويضرب أمثلة لـ"التنبؤ الرديء" التي يشيعها الكتاب عن المستقبل كالحياة الأبدية على الأرض أو الشباب الأبدي، ويعقب على رداءة هذه النبوءة بأن الشيخوخة أو الموت أمر متوارث في طبائع الكائنات الحية، وللسيطرة على إطالة الأعمار لا بد من السيطرة على الساعة الخلوية وجعلها تنقسم مئات أو  آلاف المرات .. لكن ذلك سينتج أجساماً كالديناصورات ..وهذا ليس من اقتصاديات الحياة، ويشير إلى فكرة تبريد جسم الإنسان ثم إعادته للحياة لاحقاً، والتي بدأت فعلاً، لكن لا أحد يدري يقيناً إمكانية نجاحها. لكن لو نجحت، هل سيكون لصالح الإنسان أن يعود فجأة إلى حياة لم يألفها!!

 

ثانياً: تقييم الكتاب، وعلاقة الكتاب بمشروع سؤال الأخلاق الطبية

ينبغي ابتداء أن ننظر إلى الكتاب في إطاره الزمني، فقد صدر قبل نحو سبع وثلاثين سنة ضمن سلسلة "عالم المعرفة" المتميزة والرصينة، ويعكس محتواه متابعة المؤلف الدقيقة لأحدث التطورات العلمية في عصره، والتي حرص على تقديمها للقارئ العادي بأسلوب جميل مشوق مع تبسيط لا يخل بالعمق العلمي، فيصنف الكتاب ضمن الدراسات المستقبلية المبنية على البحوث العلمية التجريبية المتصلة بالإنسان، والهندسة الوراثية تحديداً، ولقد تحقق الكثير من الفتوحات العلمية التي أشار إليها المؤلف في مجال الهندسة الوراثية، ففي أواسط الثمانينات من القرن العشرين (الفترة التي توفي فيها المؤلف)، أطلق علماء البيولوجيا الجزيئية "مشروع الجينوم البشري Human Genome Project"، وفي السادس والعشرين من يونيو عام 2004م، أعلن عن الانتهاء من فك رموز وجدولة كامل المخزون الوراثي البشري تقريباً، ووصف العلماء هذا الاكتشاف – كما وصف المؤلف في كتابه هذا مستقبل الهندسة الوراثية –  بأنه أكثر أهمية من هبوط الإنسان على سطح القمر، وأنه الإنجاز العلمي الأضخم الذي يستقبل به العالم الألفية الجديدة، ولو أن مؤلفاً أعاد تحديث الكتاب على نسق المؤلف لما استغنى عن نبوءاته ولعله يضيف إليها ما هو أبعد في المستقبل.

ليس المهم هنا فقط التأكيد على دقة المؤلف في استشراف مستقبل الإنسان، وقد تحققت بعض تنبؤاته، فيما تبقى الأخرى رهن الاطلاع على التجارب العلمية وجواب المختصين، إنما الأهم الذي ينبغي العناية به هو الجانب المنهجي الكلي المتصل بعنوان الكتاب "التنبؤ العلمي" والهدف من تأليف الكتاب، وهو استشراف التحولات المحتملة في أنماط الحياة سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل. ولكي نفهم هذا الجانب، يمكن أن نسجل بعض المبادئ الأساسية التي يحرص المؤلف على تأكيدها في الكتاب، وهي مما لا يتوقف على تاريخ تأليف الكتاب، وما تزال صالحة فيما يتصل بما حرص المؤلف على تأكيده، ويمكن عدُّها محورية في مشروع " توطين علم الجينوم في الخليج العربي: سؤال الأخلاق الطبية الإسلامية"، وهذه المبادئ هي :

 

أولاً- التفريق بين التنبؤ العلمي والخيال العلمي أو التنجيم:

فالتنبؤ العلمي مبني على مقدمات، بعضها يستند إلى قوانين وسنن وضعها الله في الكون فيكون البناء عليها شبه قطعي كالتنبؤ المتصل بالحركة والزمن في الفلك وما يبنى عليها، وبعضها مبني على مقدمات هي من قبيل نتائج التجارب التي تضع إمكانية نجاح تجارب أخرى نظيرة لها فيما لو توفرت بعض الإمكانات للقيام بها، وتختلف التنبؤات المبنية عليها، وترتفع نسبة تحققها بحسب تطور الاكتشافات ونجاح التجارب التي تقود إليها، كحال الهندسة الوراثية. أما الخيال العلمي، فهو الانطلاق من أساس علمي لكن تصوير المستقبل لا يستند بالضرورة إلى حقائقه الفعلية، إنما يسرح الخيال في تضخيم النتائج على سبيل التصوير الأدبي أو حفز الطموح العلمي، أما التنجيم الذي يقدمه الدجالون عن المستقبل فلا يستند إلى أساس علمي ويعتمد على الرجم بالغيب.

إن الأنواع الثلاثة من التطلع للمستقبل أصبحت واسعة الانتشار في العصر الحديث، ويحتل النوع الأول (التنبؤ العلمي) أهمية خاصة لما يترتب عليه من تصورات ترتبط بمستقبل البشرية  أو الأفراد، ويمكن أن أشير إلى بعض التساؤلات التي ترتبط بهذا الجانب وتستحق العناية: إن دقة التنبؤ العلمي تكشف عن الغيب البيولوجي المتصل بالفرد، بمعنى ما ستتركه العوامل الوراثية في صحته الجسدية مستقبلاً، أو ما تكشف عن ماضيه البيولوجي أيضاً، والكشف عن كليهما يترك أثراً سلبياً في نفسية الإنسان وعلاقاته الاجتماعية، وفي الوقت نفسه يمكن أن تترك أثراً إيجابياً في تحسين نمط الحياة من خلال التمكن من تخفيف أو تلافي السلبيات التي يكشف عنها العلم في مستقبل الفرد، والسؤال: ما مدى حق الفرد في تطلعه إلى معرفة هذه الغيبيات من حياته البيولوجية (في الماضي أو المستقبل)؟ وما هو الموقف الديني والأخلاقي من التطلع لمعرفة هذه الغيبيات؟ هل تُعطى حكم التحريم الإسلامي للتنجيم والعرافة والكهانة؟ أم لها حكم آخر؟ وهل تحريم التنجيم مرتبط فقط بعدم وجود مستند علمي له؟ أم لما له من آثار سلبية تترتب على معرفة الإنسان الغيب بأية وسيلة كانت؟ وهل يمكن التفريق بين تطلع الفرد للغيب المتصل بحياته الخاصة، وتطلع العلماء للمستقبل المتصل بحياة الإنسان عموماً؟ هذه الأسئلة وغيرها يمكن أن تبنى على ما أثاره هذا الكتاب من استشراف علمي لمستقبل حياة الإنسان، ومحورها قدرة بحوث الجينوم على تقديم معلومات غيبية عن حياة الإنسان، والتساؤل الملحق بالتساؤلات السابقة: لو تطورت البحوث وأصبحت تلك الغيبيات التي يكشفها تحليل الجينوم أمراً عادياً كالتحاليل المعتادة للدم أو غيره وما تكشفه من علل سابقة أو لاحقة، فهل تبقى تلك المعلومات ضمن ما يصنف من علم الغيب؟!

 

ثانياً- تجنب التنبؤ العلمي بالمستقبل المحتمل لن يحول دون وقوعه:

يشير المؤلف إلى حقيقة يغفل عنها الحذرون من الدراسات العلمية المتصلة بمستقبل الإنسان – لاسيما في العالم العربي – وهي أن التجارب مستمرة وفي تطور ونمو، وأن الموقف القانوني أو الديني الرافض لها لم يحل دون وقوعها، وعليه فإن رفض الحديث عما يمكن أن يحدث في المستقبل لن يحول دون وقوعه، وسيتعامل معه الإنسان لاحقاً بوصفه وقائع لا تنبؤات، فاستشراف المستقبل علمياً من شأنه يخفف الصدمة بالمتغيرات، وأن يمكِّن من إيجاد التشريعات والطرق الأنسب لتجنب سلبيات التغيير القادم.

 

ثالثا- التفريق بين الخلق والتخليق:

يفرق المؤلف بين تجارب الهندسة الوراثية المعتمدة على اكتشاف البرامج التي تعمل بها الخلايا ودمج بعضها بالآخر لتستمر في العمل وفق قانون البرنامج نفسه في بيئته الجديدة، ويسمي هذا العمل بالتخليق، فهو لا يوجد شيئاً من العدم، إنما يعيد تصنيف برامج الخلية التي تعمل أصلاً في نسق جديد، وهذا يختلف كلياً عن مصطلح "الخلق" الذي لا يستطيعه البشر، والذي يكون من العدم ويختص بها الله، ولئن أجاب هذا التفريق المهم عن السؤال الموهوم عن إمكانية ادعاء البشر أن يخلقوا كائناً، فإن السؤال الأهم الذي ما يزال مثاراً وهو مفهوم "تغيير الخلق" المذكور في القرآن والنصوص، ومقارنته بالتدخل الذي يقوم به علماء الوراثة بتغيير نظام عمل الخلية لتنتج مخلوقاً مُتحكماً بصفاته التكوينية من خلال ما سماه المؤلف "التخليق"، الذي هو بعبارة أخرى تغيير لصورة الخلق الطبيعية التي عرفها الإنسان، بغض النظر عن الهدف من ورائه، والتساؤل: هل هذا التغيير هو المعنى المذموم لتغيير الخلق في القرآن؟ وإن لم يكن فما هو المعنى القرآني والشرعي لتغيير الخلق؟

 

رابعاً- الدافع الأساسي لتجارب العلماء هو تطلعهم لما فيه الخير ومصلحة الإنسان:

إنه من الوهم تصور أن التجارب العلمية هي نوع الترف والتطلع لمجرد التغيير او العبث، فالحافز الأساسي للبحث العلمي هو الخير ومصلحة الإنسان، لاسيما في السعي لمعالجة المعضلات والأمراض، ومن شأن هذه التجارب أن تكتشف آفاقاً من شأنها التغيير في أنماط الحياة، فالهدف سامٍ، والدافع ربما يدخل في سياق ما هو واجب من السعي للتداوي ودفع الأذى. والسؤال: هل يصلح ما يمكن أن تؤدي إليه التجارب من تغيير سلبي في حياة الإنسان والسنن المعهودة تكوينياً أو اجتماعياً مبرراً لمنع التجارب العلمية التي ستؤدي لهذا التغير، حتى وإن لم يكن هذا التغيير مقصوداً بها؟

 

خامساً- كل اكتشاف جديد من شأنه أن يحمل وجها إيجابياً ووجهاً سلبياً:

ليس هناك ما هو مضمون في التجارب العلمية وإن كان هدفها نبيلاً، فالعلم والتجارب يمكن أن تكون سلاحاً ذو حدين، كالطاقة النووية، يمكن أن تدمر العالم كما يمكن أن تجلب له الخير الكثير إن أحسن استغلالها في الخير، وكذلك ما يتم التنبؤ به بناء على التجارب، قد يجلب الخير وقد يوظف في الشر. والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا: إلى أي حد يمكن لاحتمالية التوظيف السيء أن تحول دون بذل الجهود في التجارب من أجل ما هو خير؟

 

الخاتمة:

رغم مضي أكثر من ثلاثة عقود ونصف على نشر الكتاب، فإن محوره الأساسي "التنبؤ العلمي" ما يزال غائباً في البحوث الشرعية ولم يلق العناية اللازمة، إذ اتجهت الدراسات إلى نقد ظاهرة استشراف المستقبل على طريقة التنجيم والرجم بالغيب والعرافة والكهانة، ولم تعن الدراسات الإسلامية بهذا النمط العلمي من التنبؤ بالمستقبل، وهي جديرة بالعناية به لا من حيث كونه مجرد تطلع للغيب فقط، إنما من زاوية أهم وهي كونه نمطاً من الاستجابة للأمر الإلهي في القرآن بالنظر في سنن الله وكيفية بدء الخلق ومعرفة الآفاق والأنفس، فالتنبؤ العلمي من هذه الزاوية تدبر في خلق الله وآياته. لكن بهذه الغاية، لا يغفل تساؤلات فرعية هي آثار مما يترتب على تلك الكشوف العلمية عن غيب الفرد أو المجتمع، وآثارها الحقوقية والنفسية والاجتماعية والموقف الشرعي من هذه الآثار.

إن المبادئ التي استخلصناها من الكتاب ما تزال قضايا جديرة بالدرس والتحليل، ويمكن بناء عليها أن نطرح سؤالين مركزيين تثيرهما مراجعة الكتاب وتتوقف عليهما الإجابة على كثير من الأسئلة الأخرى الفرعية، الأول: حول مفهوم الغيب، فهل هو مفهوم مطلق أم نسبي مقدر بما يعجز الإنسان عن إدراكه؟ وما حكم تطلع الإنسان لمعرفته؟ والثاني: حول مفهوم "تغيير الخلق" ومدلوله في النصوص الإسلامية، فهل تعد تجارب الهندسة الوراثية التي تتحكم بنمط خلق الإنسان وحياته جزءاً من هذا المفهوم؟ لعل مراجعة هذا الكتاب تكون مقدمة لدراسات تجيب على هذين السؤالين في سياق مشروع "توطين علم الجينوم في الخليج العربي: سؤال الأخلاق الطبية الإسلامية".

 

 

[1] [تمت كتابة هذ البحث في إطار المشروع البحثي “توطين علم الجينوم في الخليج العربي: سؤال الأخلاق الطبية الإسلامية (Indigenizing Genomics in the Gulf Region (IGGR): The Missing Islamic Bioethical Discourse)” بتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي والمسجل برقم NPRP8-1620-6-057. علما بأن المسؤولية عن البيانات الواردة هنا تقع بالكامل على عاتق من قام بتأليف البحث]

أضف تعليقاتك

Your email address will not be published*

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

إدارة اشتراكاتك في الرسائل الإخبارية
اختر نشرة أو أكثر ترغب في الاشتراك فيها، أو في إلغاء اشتراكك فيها.
حتى تصلكم رسائل بآخر فعالياتنا وبمستجدات المركز

عنوان البريد الإلكتروني للمشترك

Copyright © 2011-2024 جميع الحقوق محفوظة مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق