CILE
مجالات البحث
[Call for Papers] Islamic Ethics and the Trusteeship Paradigm: Interdisciplinary Explorations

يُعتبر حقل الأخلاق حديثَ النشأة في مجال الدراسات الإسلامية الذي هيمنت عليه المقاربات الفقهية والأصولية والكلامية، كما أن الدراسات المعنية بمرحلة نشأة وتطور العلوم الإسلامية نادرًا ما تتطرق إلى موضوع الأخلاق كفرع مستقل في الدراسات العلمية، أي أن الدراسات الأخلاقية لم تتمكن من فرض نفسها كمجال مستقل داخل فضاء العلوم الإسلامية، والأرجحُ أن ذلك يعود لسببين رئيسين: أولهما: أن الأخلاق تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الدراسات الشرعية بصفة عامة والفقه الإسلامي بصفة خاصة، والعلماء على ما يبدو لم يروا ضرورةً لتطوير مجال مستقل للتطرق لموضوع الأخلاق؛ وثانيهما ينطلق من اعتبار مسألة الأخلاق تدخل حتمًا في النطاق الشرعي، وبما أن كلَّ ما هو شرعي فهو مقيد حتمًا بالمنظومة السياسية، والتي بدورها تتقيد حتمًا، بطريقة أو بأخرى، بما هو شرعي، فلا يبدو هناك إذن ضرورة "فكرية" أو "سياسية" لتطوير موضوع الأخلاق كمجال مستقل يمكّنه من التعامل مع التيارات الفكرية والسياسية المتناقضة. بيد أن المرحلة الأولى من نشأة وتطور علم الكلام شهدت هذه الضرورة السياسية والفكرية، وبفضلها تطورت المدارس الفلسفية الإسلامية المعروفة باتجاهاتها المختلفة في ما يتعلق بموضوع الأخلاق، ولكن هذه التجربة لم تعمّر طويلاً؛ بسبب هيمنة اتجاه مذهبي معين على الساحة السياسية والفكرية ألغى لاحقًا ضرورة قيام أيّ نقاشٍ حول موضوع الأخلاق.

استمرت هذه الوضعية في العلوم الإسلامية إلى أمد قريب طفا فيه هذا الموضوع على السطح مجددًا من باب الضرورة وليس من باب الترف، وذلك من أجل التفاعل مع النظرة الكونية والمنظومة السياسية الحديثتين ومع مختلف مظاهرهما في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة؛ إذ استحوذت الدولة الأمة على مجال العلوم الدينية في هذه المجتمعات عبر ضمّ مؤسساتها وتأميمها، ما سمح لها بإخضاع العديد من العلماء لسيطرتها. وإلى جانب هذه الوصاية الفكرية، قام علماءُ آخرون وناشطون سياسيون بتحويل مبادئ الشريعة الإسلامية (التي يُنظر إليها على أنها تجسيد للأخلاق) إلى قانون وضعي خاص بالدولة؛ سعيًا لتثبيت وسائل السلطة السياسية القومية والمنظومة الحديثة للدولة الأمة. وبعيدًا عن هذه القراءة السياسية المشوهة للشريعة الإسلامية ونظرياتها الفقهية، شرع العديد من العلماء - مسلمين وغير مسلمين - في البحث من جديد عن مصادر النظريات الأخلاقية في العلوم الإسلامية، وذلك استنادًا إلى منهجيات حديثة في التحليل النصي والدرس التأويلي للنصوص، مراعين في بحثهم الظروفَ التاريخية والاجتماعية والثقافية لنزول هذه النصوص وتطور فهمها عبر الزمن. ولـمّا كانت الأخلاق وفق هذا الاتجاه الجديد في العلوم الإسلامية قد تحتمل تفسيرات متعددة - وإنْ كانت تعدّ جوهر الرسالة الإسلامية - فقد غدت اتجاهًا رئيسًا بالنسبة لهؤلاء الباحثين. ومن أبرز هؤلاء الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن الذي ولد سنة 1944، واشتُهر بنظريته في الأخلاق التي تطورت لتأخذ منحى سمّاه "نسق الائتمانية" أو "النقد الائتماني".

يسعى نسق الائتمانية إلى إعادة ترسيخ الفلسفة العربية الإسلامية بناءً على الرسالة الأخلاقية التي يرى عبد الرحمن أنها محورية وذات مكانة مهمة في النظرة الكونية الإسلامية كما يتجسد ذلك في القرآن الكريم وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم وتعاليمه، وفي أصول الفقه الإسلامي أيضًا. ويتلخص مغزى هذا النسق في فكرة أن جوهر الوجود يَكمن في الأخلاق العملية (وليس في العقل المجرد).

ويقترح عبد الرحمن - من خلال سلسلة من الأعمال انطلقت منذ سبعينيات القرن العشرين - مفهوم الائتمانية كنسق معرفي إبداعي (ابستمولوجي) من شأنه ردّ الاعتبار للعلوم الإسلامية والتفاعل النقدي مع الحداثة؛ بهدف تطبيق هذه الاتجاهات الإبداعية في مجالات أخرى تشمل العلوم الاجتماعية والعلوم الدقيقة (السياسة، والتعليم، والبيئة، ووسائل الإعلام، والطب، وعلم النفس، الخ).

وانطلاقًا من هذه المعطيات، تدعو "مجلة الأخلاق الإسلامية" التي يُصدرها مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بالاشتراك مع مؤسسة دار "بريل"، الباحثين للكتابة في موضوع "نسق الائتمانية" الذي لم يأخذ حظه من الدراسة والبحث كخلفية لإعادة النظر في مسألة الأخلاق في الفكر الإسلامي عامة.

ونأمل من الأوراق البحثية أن تتوزع على ثلاثة محاور رئيسة هي:

  • 1) العلاقة بين نسق الائتمانية والعلوم الإسلامية التقليدية
  • 2) تفاعل نسق الائتمانية مع الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • 3) تفاعل نسق الائتمانية مع الحداثة الغربية ونقد نظرياتها الأخلاقية، وكذلك مدى نفوذ نظرية الائتمانية وتطبيقاتها في العلوم المختلفة.

ويهدف هذا النهج الشامل إلى فهم مقترحات هذه النظرية الأخلاقية الإسلامية الحديثة ووضعها في سياقاتها، وكذلك فهم الطريقة التي تعتمد عليها هذه النظرية في معالجة المواضيع الفرعية المختلفة وتفاعلها مع مجالات أخرى داخل سياق العلوم الإسلامية وخارجه.

 

وعليه، فإننا ندعو الباحثين والأكاديميين - من أصحاب الخبرة في مجال نسق الإئتمانية، أو من المهتمين بهذا الموضوع ولاسيما في علاقته بالأخلاق - إلى إرسال أوراقهم العلمية للمشاركة في الحلقة الدراسية، آملين أن تتناول الأوراق - بأسلوب نقدي - إمكانية استعمال هذا النسق لمعالجة أحد المواضيع المطروحة أدناه، وكيف يختلف النهج الائتماني (أو ربما يتطابق) مع الطريقة التي تمت معالجة هذه المواضيع من خلال نظريات الأخلاق الأخرى، سواء كانت إسلامية أم غير إسلامية، علمًا بأن الأسئلة المتفرعة عن المواضيع الآتية ليست حصرية:

  1. الأخلاق، والأخلاق في القرآن والسنّة: كيف تختلف مسألة الأخلاق في نسق الائتمانية عن الرؤى التقليدية للأخلاق في تفاسير القرآن وشروح الحديث؟ هل التفاسير التقليدية للقرآن وشروح السنّة النبوية شاملة للمفاهيم الأخلاقية بالقدر الكافي؟ أم أنّ مسألة الأخلاق ترتبط بالسياق ويتعين عليها التكيف مع السياق الحديث؟
  2. حفظ الضروريات الخمس ومكانة الأخلاق: كيف يعمل نسق الائتمانية على إعادة تفسير وتنظيم الضروريات الخمس للشريعة؟ كيف يختلف نقد نسق الائتمانية للتفاسير الحديثة للشريعة عن النظريات الإسلامية الحديثة الأخرى؟
  3. علم الكلام وفلسفة الأخلاق: كيف يختلف نسق الائتمانية عن علم الكلام التقليدي والنظريات الفلسفية الأخلاقية الكلاسيكية؟ إلى أي مدى يختلف مفهوم العقل في نسق الائتمانية عن نظيره في علم الكلام الكلاسيكي؟
  4. النظريات الشرعية الإسلامية ومركزية أو لامركزية الأخلاق: إلى أي حد يمكن الاعتقاد بدقة ما ذهب إليه نسق الائتمانية من أن النظريات الشرعية الإسلامية عملت على مَرْكَزَة "الفقه" عِوضَ الأخلاق؟
  5. الدين والأخلاق والسياسة: ما اقتراحات نسق الائتمانية في سبيل المساهمة في السياسة في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مع العمل على مركزة الأخلاق؟ هل هذه المفاهيم الأخلاقية عامة أم خاصة أو عامة وخاصة؟ ما الخط الفاصل بين هذين المجالين (الخاص والعام) في السياسة؟ كيف يعمل نسق الائتمانية على نقد التطرف العلماني والديني؟
  6. العلم الحديث وتطبيقاته: ما طبيعة النماذج التي يستند إليها نسق الائتمانية كمثال للاتجاهات اللاأخلاقية في العلم الحديث؟ وما نوعية الأخلاق التي يعمل نسق الائتمانية على مركزتها في هذا النوع من النقاش؟ هل يمكن القول بحيادية الأخلاق؟
  7. أخلاقيات علم الأحياء والبيئة: إلى أي مدى يمكن لنسق الائتمانية أن يساهم بأفكار حول الأخلاق في المناقشات التي تخص العلوم الدقيقة؟ كيف تختلف "الأخلاق العملية" لنسق الائتمانية عن "الأخلاقيات العالمية" التي ما زالت توجّه العلوم حتى الآن؟
  8. علم التحليل النفسي وعلمنة الأخلاق: كيف يتعامل نسق الائتمانية مع "علم التحليل النفس الغربي"؟ كيف يُنظر لعلم التحليل النفسي بوصفه أعلى مراحل العلمنة الإلحادية؟ وإلى أي مدى يمكن لمفهوم الأخلاق - من وجهة نظر نسق الائتمانية - تجاوز ذلك؟
  9. وسائل الإعلام ومسالة الأخلاق: ما حدود الأخلاق في نقل المعارف العامة من خلال وسائل الإعلام؟ وأين تتجلى المظاهر الخاصة والعامة؟
  10. العنف والأخلاق والماورائية: كيف يفسّر نسق الائتمانية المسألة الوجودية في نشأة الأخلاق وعلاقة ذلك بنشأة العنف؟.
  11. الحوار المتشابك، والتعددية، والنسبية الأخلاقية: كيف يمكن لنسق الائتمانية كنظرية أخلاقية قائمة على أساس مفهوم ديني خاص للكون: أنْ تطور رؤية كونية للحوار الذي يتجاوز الخصوصية دون الوقوع في النسبية؟ كيف يتعامل نسق الائتمانية مع التعددية الفكرية العالمية؟ كيف يختلف أو يتشابه نسق الائتمانية مع المفاهيم المعرفية (الإبستمولوجية) التعددية التي برزت في المجتمعات الحديثة ذات التعددية الثقافية؟

 

اختيار الأوراق البحثية

ندعو الباحثين والأكاديميين المهتمين بالمواضيع المطروحة أعلاه إلى إرسال الآتي:

  1. ملخص (يتراوح بين 300 و500 كلمة فقط) يحدد الأفكار الرئيسة للورقة المقترحة والمنهجية المتبعة؛
  2. سيرة ذاتية مقتضبة (لا تتجاوز 500 كلمة فقط) توضح (1) الخلفية الأكاديمية، (2) والاهتمامات البحثية الرئيسة، (3) وأهم المنشورات العلمية؛

وسيتم لاحقًا إبلاغ أصحاب الملخصات التي تم قبولها ودعوتهم لإرسال الأوراق البحثية الكاملة (تتراوح بين 7000 و10000 كلمة) وفقًا للجدول الزمني المبين أدناه.

 

ملاحظات مهمة

  • يُتوقع من الملخصات والأوراق البحثية أن تتفاعل بالتحليل والمقارنة مع موضوع نسق الائتمانية كنظرية إسلامية للأخلاق، مع ربطها بالنظريات الأخرى للأخلاق داخل وخارج نطاق العلوم الإسلامية، وكذلك مع البحوث والدراسات خارج نطاق وتقاليد هذا المجال؛
  • لن يُنظر في الملخصات والأوراق البحثية التي تعالج بشكل مستقل إما موضوع الأخلاق الإسلامية أو نسق الائتمانية دون مراعاة نقاط الالتقاء والاختلاف بين الأخلاق الإسلامية ونسق الائتمانية؛
  • لن تُقبل الأوراق البحثية ذات الصبغة العامة والتي تتعرض لموضوع نسق الائتمانية بشكل غير نقدي.

 

الحلقة الدراسية

ستخضع الملخصات والبحوث الكاملة للتحكيم من قبل لجنة علمية، وستوجّه الدعوة لعدد محدود من أصحاب الأوراق البحثية المقبولة للمشاركة في حلقة دراسية تدور حول موضوع "الأخلاق الإسلامية ونسق الإئتمانية: مقاربات متعددة" في الدوحة، وسيتكفل مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بنفقات إقامتهم وسفرهم.

 

نشر البحوث

بعد الحلقة الدراسية، سيتم إرسال أوراق الحلقة الدراسية وبقية الأوراق البحثية التي تم قبولها إلى التحكيم العلمي وفق الأصول المتعارف عليها، ثم ستُنشر في عدد خاص من "مجلة الأخلاق الإسلامية"، أو ككتاب جماعي ضمن سلسلة كتب "دراسات في الأخلاق الإسلامية" (تنشرها مؤسسة بريل للنشر والطباعة).

وستكون الأعمال المنشورة متاحةً مجانًا (open access) لتسهيل الاطلاع عليها من جانب أكبر عددٍ ممكن من القرّاء.

 

اللغة المستخدمة في الحلقة الدراسية وفي الأوراق البحثية

  • يجوز تقديم الملخصات والأوراق البحثية إما بالإنجليزية أو بالعربية أو باللغتين معًا. كما ستدور الحلقة الدراسية بهاتين اللغتين أيضًا.
  • ستتم ترجمة الأوراق المقبولة إلى العربية أو الإنجليزية.

 

مواعيد تقديم الملخصات والأوراق البحثية

  • 5/2/2018: الموعد النهائي لاستلام الملخصات والسير الذاتية.
  • 20/2/2018: إبلاغ أصحاب الملخصات التي تم قبولها بتقديم الأوراق البحثية الكاملة.
  • 15/7/2018: الموعد النهائي لاستلام الأوراق البحثية الكاملة.
  • 15/8/2018: إبلاغ المتقدمين بالأوراق البحثية الكاملة التي تم قبولها، وإرسال الأوراق البحثية للترجمة إلى العربية أو الإنجليزية.
  • 14-16/10/2018 موعد انعقاد الحلقة الدراسية في مقر مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بالعاصمة القطرية الدوحة.
  • 15/11/2018: آخر أجل لإجراء الباحثين تعديلاتهم على الأوراق المقدمة في ضوء المناقشات وملحوظات اللجنة العلمية، ثم تقديمها لمؤسسة بريل للتحكيم ثم النشر.

 

للاتصال

  • تُرسَل المساهمات البحثية على البريد الإلكتروني (bhaddad)
  • للاستفسار حول هذه الدعوة لتقديم الأوراق البحثية، يرجى الاتصال بالدكتور محمد حصحاص، جامعة لويس جويدو كارلي في روما (mhashas)، أو الدكتور معتز الخطيب، مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، جامعة حمد بن خليفة (malkhatib).
  • للاستفسار عن "مجلة الأخلاق الإسلامية"، يرجى الاتصال على البريد الإلكتروني (jie).

أضف تعليقاتك

Your email address will not be published*

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.